د. أحمد الفراج
نواصل الحديث عن معركة الرئيس ترمب مع الإعلام الأمريكي، وهي الحرب التي لم تتوقف، منذ أن بدا واضحاً أن هذا السياسي غير التقليدي يقتحم حصون الدولة العميقة، ولست هنا في وارد الاصطفاف مع ترمب، أو الدفاع عنه، فهو مقاتل شرس، زاده انحياز الإعلام ضده قوةً وصموداً، ولا أظن أن سياسياً كان سيحتمّل كل هذا الهجوم العنيف، والنقد الشديد، الذي ما زال ترمب يواجهه كل يوم، ولا أبالغ إذا قلت إن آلة الإعلام الأمريكي الضخمة، باستثناء إعلام اليمين مثل قناة فوكس وجريدة ويكلي ستاندرز، جنّدت نفسها لعرقلة عمله، ونشر الشكوك حوله، وتضخيم الشائعات حوله، وهو أمر غير مألوف، من إعلام يزعم تحرّي المصداقية والحياد، ونحن هنا نتحدث عن وسائل إعلامية كبرى، مثل سي ان ان، ونيويورك تايمز، وواشنطن بوست، وان بي سي، وغيرها الكثير.
منذ فوز ترمب بالرئاسة، ضد إرادة الدولة العميقة ولوبياتها المتنفذة وآلتها الإعلامية الضخمة، أصبحت نشرات وتقارير قناة سي ان ان، على سبيل المثال، عبارة عن دعايات سلبية ضده، وتستضيف لهذا الغرض عتاة المحلِّلين، ذوي الميول اليسارية، ومعظمهم ديمقراطيون، من أنصار أوباما وهيلاري كلينتون، وبيل كلينتون قبل ذلك، ثم يبدأ الحشد ضد ترمب وسياساته، ولا يمكن أن أنسى كيف حاولت هذه القناة العالمية تحريف الحقائق، حول زيارة ترمب التاريخية للمملكة، وحول مؤتمر القمة الإسلامية - الأمريكية! وكل هذا نكاية بترمب، وكلما نجح ترمب في إنجاز مشروع ما، عادت هذه القناة لسيناريو تدخل روسيا في الانتخابات الأمريكية، وهو الموضوع الذي أصبح مملاً ومستهلكاً، ولم يثبت، حتى اليوم، أي صلة لترمب بذلك، فروسيا كانت، وستظل، تتجسس على أمريكا، والعكس صحيح، منذ بداية الحرب الباردة بينهما!.
جريدة نيويورك تايمز، العالمية والواسعة الانتشار، لعبت، ولا تزال تلعب دوراً محورياً في فلك الإعلام المنحاز ضد ترمب، وسخّرت محرريها ومراسليها لهذا الغرض، وأصبح المتابع يجد صعوبة في التفريق بين بعض تقاريرها، وتقارير صحف التابلويد، ونهجت نهجها جريدة الواشنطن بوست، وما زلت، ومعي ملايين بكل تأكيد، نقف حائرين، أمام هذا الانحياز غير المسبوق لهذه الوسائل الإعلامية المرموقة، التي انحازت ضد كل حلفاء ترمب، أيضاً، مثل المملكة العربية السعودية، ونلحظ ذلك في نشراتهم وتقاريرهم، الموجهة ضد المملكة، وفي هذا السبيل، استكتبت الواشنطن بوست معارضاً سعودياً ليكتب بها ! رغم أنه ينتمي لتنظيم الإخوان، وله صلات بتنظيمات إرهابية، ومؤهلاته بالكاد تمكِّنه من الكتابة في صحيفة محلية، وكل هذا نكاية بترمب وحلفائه ! وهذا ليس رأيي فقط، بل رأي معظم من استطلعت آراءهم، من الزملاء الأمريكيين، حيال تغطيات الإعلام الأمريكي لترمب، فهل سيواصل هذا الإعلام انحيازه على حساب المهنية، أم سيرضح للأمر الواقع في نهاية المطاف؟! ننتظر ونرى!