عبد الرحمن بن محمد السدحان
مرجعية الكاتب:
* سئلت مرة عن (مرجعية) الكاتب فيما يكتب، فقلت، فيما قلت، إن الكتابة الإبداعية (لا تصبر على طعام واحد) ولا تعتمد على مورد واحد لصنع موائدها!
* * *
* في البدْء، كانت القراءة مرجعيةَ كل كاتب، وستبقى كذلك بلا نهاية! لماذا؟ لأنها (وقود) الكتابة، والمحرض عليها، والفاعل لها، وبدون القراءة، تغدو الكتابة عملاً هلامياً، كالنقش في البحر!
* * *
* من جانب آخر .. يعتمد كاتب هذه السطور في التعاطي مع الحرف الجميل على عدّة موارد ، والقراءة أهمّها، رغم أنني مقلّ في هذا الصّوب، بسبب تكاليف العمل، لكنني، إلى جانب ذلك، أرصدُ عن قرب وعن بعد معاً نبضَ الحياة الاجتماعية والإدارية والثقافية والإنسانية، واستلّ منها قطراتٍ أحاول أن أرويَ بها جزءاً من ظمأ القلم!
* * *
* ولذا، قد يلاحظ القارئ الكريم تعدّدَ مساراتِ الكتابة عندي، في الإدارة والإنسان والمجتمع، وأحياناً أخوض في (السياسة) ولو بشيء من الاستحياء أو الحذر الخجول، لا لشيء سوى أنني لا أحبذ الخوضَ في الهمّ السياسي ذي الأمواج المتلاطمة والأعاصير المشتعلة بحروب المصالح! ناهيك عن أن فعل الكتابة عندي يأتي تجسيداً لتفاعلي مع شئون وشجون بلادي، وأطمع في النهاية أن يكون الناتج مجدياً ومفيداً!
* * *
(2)
أدب المرأة :
* قرأت مرة حديثاً مطولاً عن مشاركة المرأة المثقفة في التعاطي كتابةً مع هموم الوطن وطموحاته، مما يسمّى أحياناً بـ (أدب المرأة)، وقد دونت يومئذ ملاحظة تنتقد بدعة (التأنيث) لأدب المرأة، فقلت ما معناه إنني أرفض هذا المسمّى، لأن القول بوجوده يحمل في مضمونة إساءةً للأدب وللرجل والمرأة في آن، لعدّة أسباب منها :
1) أن الأدبَ، مثل الإبداع، لا (جنس) له ولا هوية .. سوى هوية الإبداع نفسه، وتصنيفه بغير ذلك افتئاتٌ على الأدب وأهله، رجالاً ونساءً!
* * *
2) إنني أخشى أن يكون وراء (الترويج) لما يسمى بـ (أدب المرأة) نوعٌ من (شوفينية) ذكورية، تزعم لنفسها تميزاً أدبياً للرجل يفوق إبداع المرأة، وهذا أمر ترفضه الفطرة الإنسانية، وينكره المشهد الثقافي السليم!
* * *
3) إذا كان الرجل يتمتع بغلَبَة الحضور في الساحة الأدبية، قديماً وحديثاً، فإن هذا لا يمنحه (فوقية) من السموّ ترقَى به كل الأوقات تصنيفاً على عطاء شقيقته المرأة. كلاهما يتقاسمان الإبداعَ مصادرَ وطاقاتٍ وإنجازاً، والبقاءُ في الختام للأصلح!
* * *
(3)
(كربونات) الثقافة :
* هناك سؤال يتْرى على ذهن المثقف الجاد في بلادنا وفي سواها، وهو كيف يمكن تنقية (المناخ الثقافي) من (كربونات) التلوّث الفكري والوجداني الذي تبثه كثير من وسائل الإعلام المعاصر، وفي مقدمتها بعض قنوات التلفاز، الفضائية والأرضية.
* * *
* وتصدياً لهذا السؤال أقول : أعيدوا للثقافة كرامتها وعفتها ومكانتها، عبر وسائل من بينها ما يلي :
1) تطوير وسائل تعليم اللغة العربية وروافدها من شعر ونثر، تطويراً يشدّ النشْءَ إليها ولا ينفّره منها، ويقوّم لسانه ولا يعجمه، مثل الإغراق في اللهجات المحلية أو المفردات الأجنبية، ونحو ذلك.
* * *
2) شجّعوا النَّشْء على القراءة السوية، كما كان أسلافنا يفعلون ازاءنا، فالقراءة السوية هي الوسيلة الأقوى لصيانة الثقافة ذائقةً وصنعاً وازدهاراً.
وبمعنى آخر، أوجدوا (البديل) للنَّشْء سَماعاً ومشاهدةً، بما يعزِّز نزعتَه الثقافية ولا يشوّهُها أو يفسدُها أو يلحقُ البوارَ بها!.