«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
لو كان للوطن لسان واضح بالإمكان مشاهدته لسمعه كل مواطن وحتى مقيم هذه الأيام وهو يردد شكره وتقديره الكبيرين لقيادتنا وهي تصدر قرارها المتميز الذي أثلج سماعه صدور الجميع بعدما جاء الخبر الخيِّر والبشرى؛ فقد تم تكوين «اللجنة الدائمة لحماية بيئة المناطق الساحلية وما تضمنته هذه اللجنة من مهام». وحسبما أُعلن في اجتماع مجلس الوزراء الموقر الذي ترأسه الثلاثاء الماضي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-:
- دراسة جميع مشروعات الجهات الحكومية والخاصة والأفراد في المناطق الساحلية التي تستدعي إجراء أعمال ردم أو دفن أو تجريف للموافقة عليها من الناحية البيئية، وذلك قبل تنفيذها.
- اتخاذ ما يلزم لحماية بيئة نباتات الشورى (المانجروف) والشُّعب المرجانية، واتخاذ ما يلزم لمنع العمل (محل المخالفة)، أو إيقافه، وإزالة أعمال الردم أو الدفن أو التجريف التابعة للجهات الحكومية أو الخاصة أو الأفراد.
- التنسيق مع الجهات المعنية التي تمتلك أراضي في المناطق الساحلية لتترك حرمًا للبحر -وفق المقرر نظامًا- لاستخدامه مناطق ترفيهية وسياحية للمواطنين.. هذا القرار الذي انتظره الوطن طويلاً جاء ليحقق ما كان يتطلع إليه الوطن والمواطن وحتى المقيم من أن يحظى بمشاهدة سواحلنا البحرية على طبيعتها وجمالها كما هو موجود ومعاش في مختلف سواحل دول العالم. لقد تسرَّبت خلال العقود الماضية أراضي السواحل؛ لتقع تحت سيطرة شركات ومؤسسات وحتى أفراد لا تعرف كيف حصلوا عليها؛ وبالتالي راحوا يتحكمون فيها ويستثمرونها لمصالحهم؛ وبالتالي لا تتاح للعامة من الناس الاستفادة منها كمتنفس، وحرمانهم من التنزه بها لإحاطتها بأسوار وأسلاك شائكة و»شبوك».. وبجشع منقطع النظير حصل البعض على منح مباشرة على سواحل البحر، وحولوها لمشاريع خاصة ومبانٍ مشوهة لمشروعاتهم. والمواطن بكل صراحة ليس ضد المنح، ولكنها يجب أن تطبَّق بعيدًا عن حرم السواحل، وعلى بُعد مسافة تتيح لوجود شريط يسمح بوجود كورنيش يمتد طويلاً.. تتوزع فيه المساحات والحدائق الخضراء والمجسمات الجمالية والمقاهي والبوتيكات الصغيرة ذات الأشكال المستوحاة من جماليات التراث والبيئة كما هو موجود في دول عديدة عربية وأجنبية، إضافة إلى شوارع واسعة ورحبة.. وبعدها لا مانع من وجود المباني التي تطل على الشواطئ الساحلية والبحر..
أما أن تكون بهذه الصورة المشوهة التي حرمت الناس من متعة الاستمتاع بالبحر وأجوائه الرائعة فهذا مرفوض على مستوى العالم. وكل مواطن مع وجود مبانٍ خاصة بالإدارات الحكومية، وعلى وجه الخصوص الأمنية منها.. لكن تكون فوق لسان يمتد داخل البحر. وهذا ينسحب على المواقع المخصصة للخدمات العامة التي تقدَّم بالمجان، كالمرافق الصحية - وأعزكم الله «الحمامات» -. وكل من أُتيحت له الفرصة لزيارة دول العالم، وبشكل خاص شواطئها، يشاهد ذلك. فللشواطئ حرم، لا يمكن المساس به أو حتى الاقتراب منه. والغريب والعجيب أن أمناء المدن ومديري البلديات شاهدوا ذلك في سواحل المدن العربية والعالمية، لكنهم ولمصالح بعضهم - ولن نقول فساد بعضهم - يتركون الحبل على الغارب؛ فضاعت سواحلنا؛ لتكون مصدر استثمار خاص، لا ينفع إلا أصحابه.
وماذا بعد.. اللهم لك الحمد والمنة.. ها هو القرار الحلم والتطلع يتحقق في عهد سلمان الخير وولي عهده الأمين (إقامة «حرم» للبحر على شواطئ المملكة لاستخدامه كمناطق سياحية).
هذا الحرم الذي كنا نحلم به أن يكون مفتوحًا للجميع من عشاق البحر خاليًا من أي مبانٍ أو منشآت بجوار البحر مباشرة يتحقق.. فالوطن بحاجة ماسة لمثل هذا القرار الحكيم.. فشكرًا ألف شكر لقيادتنا الحكيمة.