خالد بن حمد المالك
بعد بضعة أيام على بدء عاصفة الحزم منذ عامين ونصف العام، وقد حققت أهدافها في إسكات مصادر نيران المتآمرين مع إيران على إيذائنا، أُعلن مبكرًا عن إعادة الأمل، وتجنيب اليمن المزيد من القتلى والدمار، والبدء بإعادة الإعمار، وترتيب البيت اليمني، بأمل أن يتم فك الارتباط مع إيران، وتحجيم دور ذراعه الحوثي المتسلط على رقاب اليمنيين، غير أن عبدالملك الحوثي وأتباعه رفضوا الانصياع لذلك، وفضلوا أن يكونوا أيدي لإيران في مواجهة القوة الضاربة لدول التحالف، متوهمين أن الزمن سيكون لصالحهم، وأن الشعب اليمني الحُر سوف يستسلم لهذه المؤامرة الإيرانية - الحوثية القذرة.
* *
كانت السنتان والنصف الماضية صفحة سوداء في تاريخ اليمن المشرف، ومرحلة قزَّمت تاريخ اليمن، وشوَّهت ما سبق هذه الفترة من أعمال خالدة، وإنجازات كبيرة، وأدوار يؤرَّخ لها.. وكل هذا لأن الحوثي قَبِل أن يرتمي في أحضان عدونا وعدو اليمن (الفرس)، وأن يعطي ظهره لانتمائه العربي، ويكون ممثل إيران البليد في خدمة الملالي للإضرار باليمن، وتحقيق أهداف إيران الاستعمارية، غير عابئين أو مكترثين أو مدركين ما يمكن أن يفعله الشعب اليمني في مواجهة هذا التآمر على أمن واستقرار ووحدة اليمن، وحجم قدرته على قَلْب الطاولة على إيران وعلى هذا التنظيم الخبيث، وهو ما حدث فعلاً.
* *
سيمضي اليمن قويًّا بإرادة جموع شعبه المخلص، وكبار شخصياته، ولن يكون هناك مكان في هذه الثورة المباركة لخائن أو عميل، أو مفرط بمصالح الوطن والمواطن، ولن يسمح لمن يحمل نَفْسًا تآمريًّا على دول الجوار بأن يكون جزءًا من معادلة الحل، ولن تكون القيادة اليمنية الشرعية خارج حوار البحث عن الحل، كما أن التحالف العربي سيظل هو المرجعية لأي مصالحة بين اليمنيين، والمظلة والضامن لأي توافق يتم الاتفاق عليه، ملتزمًا بأن يكون على مسافة واحدة مع جميع الغيورين على وطنهم وأشقائهم.
* *
ولا بد من التشديد على أن أي عاقل وحكيم يحب الخير لليمن لا بد أن يثمن عاليًا للمؤتمر الشعبي العام في اليمن دوره التاريخي في تحريك الشارع اليمني لوضع حد لهذا الجنون الحوثي. وإن علينا في هذه المرحلة أن نتغاضى عن الممارسات السلبية السابقة لكائن من كان من اليمنيين، وأن يتم التركيز على المواقف الإيجابية التي تتم في الوقت الحاضر لاستعادة اليمن من خاطفيه الإيرانيين، وإعادة اللحمة والتوافق والتعاون والمحبة بين كل أطياف المجتمع اليمني، وعزل كل عنصر يصرُّ على التمادي والاستمرار في معاداة الشعب والتآمر على الوطن، ومحاربة أي دور في ترميم السياسات والمواقف المستقبلية لليمن الحديث.
* *
نعم، هناك أعداء؛ لن يرضيهم أن ينتصر الشعب، أعداء لا يسرهم أن تختفي مظاهر القتل على الهوية في اليمن، أو أن يكون اليمن جزءًا من الجسم العربي، سواء في الداخل أو الخارج؛ ففي الخارج هناك إيران وقطر، وفي الداخل هناك ميليشيا الحوثي.. وهؤلاء جميعًا يجمعهم الكيد لليمن ولدول الجوار، والتآمر على المملكة تحديدًا، انطلاقًا من اليمن، والعمل على تغيير هوية الدولة، وزرع فتنة الطائفية لتحقيق هذا الهدف، غير أن اليمن بشعبه وتاريخه أبى أن يلعب هذا الدور، أو أن يكون جزءًا منه، أو طريق عبور لما يعرِّض أمنه ووحدته وسلامته للخطر، أو أن يسيء إلى أي من الدول الشقيقة؛ فكانت الانتفاضة الشعبية التاريخية التي لم يتوقعها المشاركون في التآمر الإجرامي على اليمن الشقيق.
* *
سنبقى نتابع هذه التطورات، وكلنا ثقة بالشعب اليمني، ولن نسمح بأن يأتي أحد من اليمنيين أو غير اليمنيين ليسلم أمر اليمن ومقدراته لمن يتآمر عليه وعلينا. هذا وعد قطعته على نفسها قيادتنا؛ فالحزم كان حاضرًا، وإعادة الأمل كانت حاضرة، وظلا على مدى عامين ونصف العام مطروحَيْن معًا كخيارَيْن أمام الشعب اليمني الحر، فكان أن اختار الشعب اليمني الثورة على الانقلابيين، واختار إعادة الأمل على استمرار عاصفة الحزم.. وهكذا كان موقف الشعب الذي كان شعاره أمس الأول ودائمًا «لا حوثي بعد اليوم».. نعم، لن يكون هناك وجود للحوثي الآن ومستقبلاً.