محمد المهنا أبا الخيل
مع انتشار أجهزة ووسائل التواصل المختلفة، أصبحنا نتلقى سيلاً من المعرفة بصورة أنية، وكثير من هذه المعرفة هي معلومات حول شؤون تمس نوعية حياة الناس، فبعضها معلومات طبية وأخرى غذائية وثالثة نصائح وإرشادات حول طبيعة المعيشة أو هي وصفات للتعامل مع حالات صحية، وبعض هذه المعرفة هي معلومات صحيحة وموثقة وبعضها هي ادعاءات تسويقية لا تخلو من المبالغة، وكثير هي معلومات مكذوبة، وتصاغ بعض تلك المعلومات صياغة خادعة تبدو لغير المختص كما لو كانت صادرة من جهة رسمية أو جهة موثوقة، وتأثير تلك المعلومات في كثير من الأحيان ضار.
الهيئة العامة للغذاء والدواء، هي الجهة الرسمية المنوط بها كشف الزيف في المعلومات التي تؤثر في صحة الناس وغذائهم، والهيئة تأسست في عام 1424هـ، ومنذ ذلك الحين تولت مهام كثيرة وأصبح نشاطها ملحوظاً في التوعية الصحية بصورة عامة، ورقابة ما يتوافر في الأسواق من أغذية، هذا إلى كونها الجهة الرسمية المنوط بها ترخيص الأدوية ورقابة بيعها للجمهور والمصادقة من عدمها على ما تدعيه شركات الأدوية من مزايا لمنتجاتها، ويتركز نشاط الهيئة في أربعة مجالات هي الغذاء والدواء والأجهزة الطبية ومستحضرات التجميل، وما زال أمام الهيئة مجالات أخرى لم تطرقها بعد ولكن ستقوم بها في خطتها الاستراتيجية.
من المجالات التي أعتقد أن على الهيئة أن تجعلها في أولوياتها هو الطب البديل بكل صورة سواء كان العلاجات بالإعشاب أو الطب الصيني أو ما يشار له بـ(الطب النبوي)، خصوصاً هذا النوع من الاستطباب الذي بات ينتشر بصورة ملحوظة ويكتسب موثوقية وسمعة كبيرة، وحيث إن هذا الاستطباب يقرن بسيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- فقد أصبح وسيلة لتسويق كثير من الممارسات الطبية غير المرخصة ومن أشخاص يفتقرون في كثير من الأحيان للتأهيل الطبي، وبعض من هؤلاء باتوا يجوبون المستشفيات بحثاً عن المرضى المحبطين أو ممن استعصى علاجهم، وحيث إنه من الصعب السيطرة على هؤلاء المدعين، حيث يوجد في الكتب التراثية الدينية، خصوصاً ما يدعم ممارساتهم وادعاءاتهم، لذا ربما أنه من الأنسب أن يتم تنظيم تلك الممارسات بصورة رسمية وتحدد نطاقاتها ووسائلها ويرخص الممارسون بعد أن يتم تدريبهم على مراعاة أصول الصحة والسلامة الطبية أو أن يوعز لكليات الطب أن تمنح شهادات ممارسات الطب النبوي من خلال برامج تدريسية.
إن تنظيم ممارسة الطب البديل بصورة عامة باتت لها تنظيمات في كثير من البلدان، وفي المملكة باتت وزارة الصحة ترخص لمراكز تعنى بالطب البديل الذي بات يكتسب مزيداً من المراجعين، وحيث إن الطب البديل في كثير من الأحيان يقوم على غموض الأثر فمن الصعب أن يتم تقنين ممارساته، ويبقى عامل الثقة في الممارس وشهرته أهم جاذب للمراجعين وحجتهم في ذلك أن الممارس إما مبروكا أو موهوبا أو لديه سر لا يبيحه لأحد، هذا الأمر هو ما يستدعي تدخل الهيئة العامة للغذاء والدواء لحماية الناس من الخداع والتدليس والابتزاز أحياناً.
ختاماً لا بد من الإشارة إلى جهود الهيئة العامة للغذاء والدواء وتوليها مهام عظيمة تحمي المواطن من الاستغلال والتضليل وأمامها طريق طويل نرجو الله أن يوفق العاملين فيها إلى تحقيق تطلعاتهم وإنجاز مسؤولياتهم.