فضل بن سعد البوعينين
حرصت المملكة على إنجاح قمة دول مجلس التعاون الخليجية المنعقدة في الكويت برغم مقاطعتها لقطر؛ واتخاذها موقفًا حازمًا تجاهها بعد أن استنفدت جميع السبل الأخوية والدبلوماسية لمعالجة الأزمة. لم تشأ المملكة مقاطعة القمة حرصًا على كيان المجلس واستدامته وتقديرًا لدولة الكويت التي لم تألو جهدًا في معالجة الأزمة ووقف قطر عن تجاوزاتها العدائية تجاه السعودية والإمارات والبحرين؛ وباقي الدول العربية؛ فعمدت إلى خفض تمثيلها لإيصال رسالة مباشرة لقطر حكومة وشعبًا؛ بأن زمن التسامح الهش ولَّى إلى غير رجعة؛ وأن كيان مجلس التعاون سيبقى متماسكًا؛ برغم الأزمات والعراقيل التي إعتادت حكومة قطر على خلقها خلال مسيرته المباركة؛ إلا أن تحقيق ذلك الهدف الوجودي لن يمنع الدول المتضررة من تسجيل مواقف حازمة لردع كل من يتهاون بمستقبله وأمن واستقرار دوله.
التئام مجلس التعاون واستدامته من الأهداف الرئيسة للمملكة؛ ودول الخليج الأخرى؛ وهو سبب حضور الدول الخليجية الداعية لمكافحة الإرهاب برغم علمهم بمصدر دعم الإرهاب وتمويله. فالدعم القطري للميليشيات الحوثية في اليمن هو انخراط عملي في العمليات الحربية الموجهة ضد السعودية؛ ما يستوجب الوقوف أمامه بحزم أكبر ومكاشفة تضع الحكومة القطرية أمام مسؤولياتها؛ والشعوب الخليجية أمام حقائق مؤلمة تسببت في إشعال المنطقة والجبهة اليمنية - السعودية؛ والتسبب في إرسال صواريخ باليستية نحو مكة والطائف والرياض والمدن الحدودية.
شدد إعلان الكويت على «أهمية الدور المحوري لمجلس التعاون في صيانة الأمن والاستقرار في المنطقة ومكافحة التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف دفاعًا عن قيمنا العربية ومبادئ الدين الإسلامي القائم على الاعتدال والتسامح». وهو أمر مهم للغاية لولا دعم حكومة قطر؛ التي أقرت البيان الختامي؛ للإرهاب المنظم والموجه نحو أربعة أعضاء مؤسسين في مجلس التعاون الخليجي وهي السعودية والإمارات والبحرين والكويت. لم تتردد حكومة قطر في الاتصال بالرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح من أجل ثنيه عن قرار العودة إلى الشرعية ونقض اتفاقه مع الحوثيين واستعادة اليمن من القبضة الإيرانية. تتحدث الأخبار عن علاقة الاستخبارات القطرية برحلة الموت التي قام بها علي صالح قبيل اغتياله؛ كما تتحدث أيضًا عن ملايين الدولارات النقدية التي وجدت في السفارة القطرية في اليمن التي استخدمت لتمويل الإرهاب الحوثي وشراء ذمم زعماء القبائل لدعم الحوثيين في حربهم الداخلية والخارجية الموجهة ضد السعودية. شكلت السفارة القطرية حلقة اتصال استخباراتية بالميليشيات الحوثية؛ ومصدر تمويل رئيس لها وللجماعات الأخرى؛ وبديل تمويلي للنظام الإيراني الذي حُد من فاعلية قنواته التمويلية مؤخرًا.
عدائية حكومة قطر وانخراطها في دعم وتمويل الإرهاب لا يمكن تجاوزها دون الخوض في تفاصيلها والعمل على وقفها بشراكة خليجية متحدة على الخير ورادعة للشر وأهله. عُقدت القمة بحضور جميع الأعضاء؛ وأسهمت الدول الخليجية الداعية إلى مكافحة الإرهاب في إنجاحها برغم الألم ويقينها بأن حكومة قطر هي مصدر الإرهاب الذي يجب أن يوقف ويواجه بكل حزم وقوة؛ بعيدًا عن المجاملات الدبلوماسية التي ستقودنا حتما إلى الضياع.