لا تتوقف رغبتي في الانطلاق والاسترخاء إلى مكان تحف به الطبيعة والناس والهواء العليل وممارسة عزلتي الشخصية هناك، بل إنني أشفى بتكرارها وأرسم خيال عزلة بكثير من الألوان والفصول الممطرة.
كأن غيمة من الفرح تلوح فوق رأسي باستمرار لتحرضني على التغيير، من حولي طاقة من البهجة أفتح ذراعي لاستقبالها واحتضانها، ولأن أفوت فرحي بالحياة وإيقاعات الضوء التي تسطع على كل فكرة وأمنية. إذا قلت إنني بفضل يقيني بأن الخير قادم لا محالة وسيتحقق يقيني فماذا سيحل بي إذا تحقق ما هو أكثر من ذلك؟!
إنما نكافح الأزمات بالإرادة الفذة، وبتلك الإرادة نتمكن من استعادة طموحاتنا ويمكن استقبال مآزقنا في واقع الحياة على نحو أفضل.
إننا نفرط في محبة الواقع والحياة المتناقضة حتى في مواسمها وفصولها، إلا أننا لا نقبل ما يحدث من أحداث وظروف متزامنة مع تلك المحبة، بما في واقعها من تناقض.
تذكرني هذه الحالة بقصيدة للشاعر محمد الماغوط ومنها:
(كلما كتبت كلمة جديدة... تنفتح أمامي نافذة جديدة
حتى أنتهي في العراء.
والمشكلة أن يدي دائماً على قلبي/ متى توقفت ماتت ومات كل شيء
ولذلك قبل أن أشرب أكتب/ وقبل أن آكل أكتب/ وقبل أن أسافر أكتب/
وقبل أن أصل أكتب/ وقبل أن أبكي أكتب/ وقبل أن أصلّي أكتب
وليس عندي كلمة غير صالحة للاستعمال)
سترهقنا الأعباء الحياتية التي لم نتوقعها يوما في مراحل أعمارنا ولم نتهيأ بخبرات وتجارب كافية للتعامل الإيجابي مع متغيراتنا.
سيستفزنا الواقع بأحداثه المتتالية.. فإما أن نزداد تحملا وصبرا وتكيفا، وإما أن نستسلم لليأس والبؤس ونتخاذل ونصاب بالانهزام الداخلي الذي يهدم جدران ذواتنا بالهشاشة التي تنخر قلب كل زهرة ذاتية فينا ترغب في التفتح فتذوي.
إذن فالاختيار بين حالتين يقع على وعينا ومدى حدسنا بما يتناسب وأيامنا المقبلة.
** **
- هدى الدغفق