جاسر عبدالعزيز الجاسر
قمة مجلس التعاون الثامنة والثلاثين التي شهدتها دولة الكويت يوم الثلاثاء الماضي تعدُّ أقصر قمة خليجية، إذ لم تكمل ساعة واحدة، فقد استمرت خمسين دقيقة فقط، ولم يتمثل فيها من القادة سوى الشيخ صباح الأحمد الصباح أمير دولة الكويت، الذي نجح في الإبقاء على مجلس التعاون «سريرياً» بعقد قمة الكويت القصيرة، فقد قدَّر قادة المملكة والإمارات والبحرين «أبو ناصر» فلم يقاطعوا القمة وأن لم يشاركوا تميم بن حمد الجلوس على مائدة واحدة تقديراً لأمير الكويت. أرسلت الدول الثلاثة المقاطعة للنظام القطري الداعم للإرهاب والمحرك للفتن والحليف الأساسي لعدو مجلس التعاون النظام الإيراني الوفود، فالمملكة رأس وفدها الوزير عادل الجبير، والإمارات وزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور أنور قرقاس، والبحرين رأس وفدها الشيخ محمد بن مبارك الذي ابتعد عن وزارة الخارجية البحرينية ويشغل منصب نائب رئيس الوزراء تكريماً لتاريخه وخدمة لبلاده وللاستفادة من خبرته، وتكليفه برئاسة وفد مملكة البحرين رفعاً للحرج واستجابة لدعوة الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي زامل الشيخ محمد بن مبارك عندما كانا وزيري خارجية البلدين، واللذان يعلمان مدى الجهد الذي بُذل لإنشاء وإقامة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والأهداف التي من أجلها أنشئ المجلس.
الشيخان الصباح والخليفة يعرفان أن من أهم أسباب إنشاء مجلس التعاون لدول الخليج العربية هو التصدي لتدخلات النظام الإيراني، وتحصين دول الخليج العربية من التدخلات الإيرانية في شؤون دول الخليج العربية، ومواجهة عملاء إيران وأذرعته الإرهابية من مليشيات طائفية وأحزاب وجماعات تعمل من أجل نفوذ إيران في المنطقة، ولهذا فليس من المنطق ولا من حسن الأمور أن تنحرف إحدى الدول المؤسسة للمجلس وتعمل ضد أهدافه لمجرد تغيير حاكم تلك الدولة. والآن يعرف جميع دول أهل الخليج العربي ومن دون مواربة أن من يحكمون قطر ليس فقط لم يلتزموا بصد التدخلات الإيرانية، وليس فقط عدم مواجهة أذرعة النظام الإيراني الإرهابية، بل يعملون ومن دون أي خجل ولا مواربة في دعم ومشاركة النظام الإيراني وعملائه في تنفيذ أجندته بفرض نفوذه على الدول العربية.
ملالي إيران يدعمون المليشيات الطائفية التي تتبع من انحرفوا بالمذهب الشيعي واتخذوا النهج الصفوي، أما نظام قطر ومنذ انقلاب حمد بن خليفة فيدعم ويمول المليشيات الإرهابية التي تعتنق أفكاراً متطرفة، وتنحرف عن المذاهب السنية متخذين النهج القطبي الذي نشرته جماعة الإخوان الذين وجدوا مرتعاً خصباً لهم في قطر.
طهران تدعم وتمول وتوظف الإرهابيين من مذهبها لفرض نفوذها وتوسيع «هلالها» في المنطقة. والدوحة تساند طهران في عملها لاستكمال دائرة هلال الصفويين وتحويله إلى بدر كامل الاستدارة، ومع هذا لا تزال الدوحة تشارك دول الخليج العربية وتحضر اجتماعات القادة والوزراء واللجان المختصة، لتقوم بعد ذلك بنقل كل ما بحث وتداول إلى حلفائها في الإرهاب ملالي إيران.
هذا الوضع الشاذ والذي لا يخدم أهل الخليج العربي يجب أن لا يستمر، وإن كان يتحجج البعض بأن النظام الداخلي لمجلس التعاون لدول الخليج العربي يمنع «طرد» إحدى الدول الأعضاء، فإن نظام قطر يعطي السبب ويمد كل من يسعى إلى طرده بالسلاح الذي يساعده على إبعاد هذا «الفيروس المرضي» حتى لا يصيب جسم مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي كاد أن يهوى لولا حكمة الشيخ صباح الأحمد وتقدير قادة الخليج العربي له وحضورهم للقمة الخليجية العربية حتى وإن كان انعقاها أقل من ساعة.