د. أحمد الفراج
يحرص المذنب دوماً على إلصاق خذلانه لذاته ولقضيته بالآخرين، وهذا أمر معروف في علم النفس، لأن هذا السلوك يخفّف عنه عقدة الذنب، ويبرئه من الجريمة، وهذا ما يفعله خصوم المملكة حالياً، فلم يكد الرئيس ترمب يعلن اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل، حتى اشتغلت الخلايا هجوماً على المملكة، نعم، المملكة ذات التاريخ المشرف، والوقفات الصادقة مع فلسطين والفلسطينيين، منذ عام 1948 وحتى اليوم، ولو كان من يهاجمها من خلايا خصومها المعروفين بحقدهم على هذه البلاد، مثل نظام الملالي في طهران، وأبواقهم في عالمنا العربي، مثل حزب الله في لبنان، والمنظمات الصفوية في العراق لتفهمنا الأمر، فقد تعودت المملكة أن تتجاهل هذا النشاز والحقد التاريخي منذ زمن طويل.
لكن ما يحز في النفس هو أن من تولى كبر الهجوم على المملكة كانت خلايا عزمي بشارة، ومعظمهم من أبناء فلسطين، وهم لا يمثِّلون إخواننا الشرفاء في فلسطين، بل مرتزقة، يقيمون في الخارج، ويعتاشون كهواتف عملة لمن يدفع أكثر، وآخر ما يهمهم هي فلسطين وقضيتها، فهم ينعمون بجنسيات أجنبية، واعتادوا على العيش الرغيد، في منازل فخمة، أو فنادق السبع نجوم، في أوروبا التي يشتمونها ليل نهار، أو في الدوحة، التي تجمع كل شذّاذ الآفاق من بقاع الأرض، ومن سيعلو كعبه في هذا المضمار على أشهر مرتزق عربي، الفلسطيني عبدالباري عطوان، الذي بنى حياته من خيرات المملكة، ثم صار يتلذّذ بشتمها على الفضائيات، على حساب من يدفع أكثر، ويبدو أن إيران ونظام الحمدين يدفعان له بالأصفر الرنان، الذي يصعب عليه مقاومته، إذ إن حياة النضال في أوروبا مكلفة للغاية!
وأود أن أوضح هنا أن قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس ليس من بنات أفكار الرئيس ترمب، فهناك قانون صدر بهذا الخصوص، في عهد الرئيس بيل كلينتون، وتحديداً في عام 1995، ولكن رأى كلينتون، وبعده الرئيسان، بوش الابن وأوباما، أن لا ينفذا هذا القانون، خشية أن يؤثِّر ذلك على محادثات السلام، بين الفلسطينيين وإسرائيل، وجدير بالذكر أن هذا القانون يعرض على الرئيس الأمريكي كل ستة أشهر، فإما أن يوقّعه أو يؤجّل التوقيع، ما يعني أنه تم تأجيل التوقيع عليه أكثر من 40 مرة، وحتى ترمب لم يوقّع القانون، بل أقرّ نقل السفارة، وهو الأمر الذي سيستغرق ثلاث سنوات على الأقل، فما هو ذنب المملكة، التي يتهمها خصومها، وهي التي دعمت فلسطين وقضيتها بكل صدق وإخلاص، على مدى تاريخ القضية، إذا كان هذا قرار رئيس أقوى قوة عالمية، وخصوصاً أن المملكة أصدرت بياناً واضحاً ضد نقل السفارة، ولكن كيف تبيِّن ذلك للمرتزقة الحاقدين، والذين سنواصل الحديث عنهم في المقال القادم!