د.ثريا العريض
عايشنا مؤخراً ثلاثة أحداث مهمة أثارت ردود فعل عمّت أصقاع الأرض العربية ووكالات الأنباء العالمية؛ اغتيال الرئيس السابق لليمن على عبد الله صالح, وانعقاد القمة الثامنة والثلاثين لمجلس التعاون لدول الخليج العربي, وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة الولايات المتحدة إليها.
الحدث الأول : تمكّن الحوثيون من اغتيال حليفهم الرئيس السابق لليمن علي عبد الله صالح الذي امتد تاريخه المهني ثلاثة وثلاثين عاماً, إثر إعلانه فك ارتباطه معهم ومع إيران التي تدعمهم بالتعليمات والتدريب والسلاح. مد علي صالح يده ليصافح دول التحالف العربي عن بُعد, معلناً تفضيله لانتمائه العربي ولعروبة اليمن, فعاجله الحوثيون بهجوم دموي تم فيه اغتياله في منزله -حسب تأكيد ابنه أحمد علي صالح من مقره في الإمارات- بوحشية متناهية, كما قُتل أفراد من أسرته وقياديون آخرون من حزب المؤتمر الذي ظل علي صالح يترأسه حتى بعد الانقلاب عليه, وتسليمه رئاسة اليمن للرئيس الشرعي المنتخب عبد ربه منصور هادي. ثم استكمالاً لسيناريو تشويه سمعته نقل الحوثيون جثته بالسيارة ورموه في جانب الطريق إلى سنحان لإظهاره بشكل الجبان الهارب منهم.
ومهما كان من تقلبات علي عبد الله صالح فقد ظل مخلصاً لعروبة اليمن, ولتوقه للاحتفاظ بدور رئيسها حتى الانقلاب عليه مع أحداث الربيع العربي المشؤوم. والتجأ إلى المملكة العربية السعودية, فأغاثته وأنقذته وعالجته. ثم عاد فقلب لها ظهر المجن وتحالف مع الحوثي المدعوم من إيران وقطر كما اتضح لاحقاً. وكنت قد تابعت, مع كل المهتمين بالشؤون العربية ومستجد الساحة, لقاء ولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان في الربيع الماضي مع رؤساء القبائل اليمنية وتصريحاته لهم وقتها أنّ اليمن أصل كل العرب ولن نتركها تغرق في مستنقع الطموح الفارسي والتناحر المذهبي. وأنه ليس لأي بلد عربي مكسب من التناحر طائفياً. فعلاً, أفعال إيران تثبت أنها بنظامها الحالي جار مريض بداء العظمة مهووس بالتمدد والتدخل في كل الجوار القريب والبعيد, وهدفها الأهم هو السيطرة اقتصادياً على الجزيرة العربية كلها, واستغلال مكة والحرمين للهيمنة على العالم الإسلامي. ولو تم ذلك, لا سمح الله, سيربح متربصون آخرون أولهم إسرائيل. رغم صراخ إيران ظاهريا «الموت لأمريكا .. الموت لإسرائيل», فإنها لم تهاجمها فعلياً في أي وقت, وإسرائيل مثلها تسعى لاستلاب أراض تتوسع فيها وتستوطن.
وحتى كتابة هذا المقال ما زال الصراع مستعراً في الشوارع والمدن بين الفرقاء اليمنيين على أشده, وضحاياه في تصاعد. وهناك بينهم من يود استغلال الأحداث لخلخلة وفك أواصر الجمهورية التي توحّد فيها الشمال القبائلي بالجنوب المتحضر مؤثراً الانفصال . بينما دول التحالف تحاول حل مشكلة الأشقاء, وتخليصهم وحماية الحدود من فخ طموحات إيران وحماقات قطر. وما زلنا نأمل أن تعود اليمن إلى زمن أسعد نحتفل فيه معهم بحقبة إعادة البناء.
وسأتابع معكم ما استجد في حوارنا القادم