هذه كلمة تاريخية للملك سلمان (أمير الرياض وقتها) قبل ثلاثين عامًا ألقاها بحضور الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، وفيها تفصيلات مهمة وتاريخية عن الموقف السعودي من قضية فلسطين، ننشرها متزامنة مع التطورات المتلاحقة حول اعتراف الرئيس الأمريكي ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية لها، لنظهر بنشرها إلى أي مدى تدعم المملكة بقياداتها وشعبها وحكومتها الدولة الفلسطينية منذ عهد الملك عبدالعزيز وإلى اليوم، وذلك ردًا على المأزومين والمأجورين والغوغائيين العرب الذين باعوا ضمائرهم للشيطان، وخانوا القضية الفلسطينية، ولم يجدوا غير المملكة، وهي أكبر داعم ومساند ومدافع عن حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته وعاصمتها القدس للإساءة إليها.
«كلمة الأمير سلمان بن عبدالعزيز - أمير الرياض - في الاحتفال الذي أقامه سفير فلسطين بمناسبة الذكرى الرابعة والعشرين لانطلاقة الثورة الفلسطينية.
الرياض - في 23 من جمادى الأولى 1409هـ (1-1-1989م).
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسولنا ونبينا الكريم وعلى آله وصحبه أجمعين.
أيها الحضور الكرام
باسم خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين، وحكومة وشعب المملكة أرحب بالسيد ياسر عرفات رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في أرضه وبين إخوانه.
وأعلن من جديد تضامن المملكة حكومة وشعبًا مع الشعب الفلسطيني، وإن شعب المملكة العربية السعودية يعتبر نفسه توأمًا للشعب الفلسطيني، والمملكة العربية السعودية التي تضم الحرمين الشريفين تنظر إلى ثالثهما الحرم القدسي نظرة الإخوة المترابطة إلى الأبد، إن شاء الله، كما قررها الله عزّ وجلّ عندما أسرى بنبيه من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى.
وأنا أعبر عن مشاعر الاعتزاز بالاحتفال بالذكرى الرابعة والعشرين لانطلاقة الثورة الفلسطينية.
وإن مواقف المملكة العربية السعودية معروفة منذ عهد المغفور له -إن شاء الله- الملك عبدالعزيز وحتى اليوم في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز تجاه القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني.
ولست في حاجة إلى أن أتحدث عن تلك المواقف فهي معروفة ومسجلة في كل مرحلة من مراحل التاريخ.
فنحن معكم فيما ترتضون لأنفسكم، ولم ولن نفرض أو نسعى في يوم من الأيام إلى أن يفرض على الشعب الفلسطيني وقيادته أي شروط أو رغبات أو أوامر، ونحن نأبى ذلك على أنفسنا، وعلى الشعب الفلسطيني فنحن معكم في السراء والضراء وفي الحرب والمقاومة والسلم.
ونحن في هذه البلاد، ولله الحمد، ندين بدين واحد ونعتقد عقيدة واحدة هي عقيدة الإسلام التي رفعت شأن العرب منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، وحارب في ظلالها قادة الأمتين العربية والإسلامية، ووصلوا إلى مشارق الأرض ومغاربها.
ونحن وحتى هذا اليوم تحت ظل هذه العقيدة بحمد الله نهتدي بهديها، ولا نقبل بحال من الأحوال أي مبدأ كان شرقيًا أو غربيًا سوى عقيدة الإسلام التي كرم الله عزّ وجلّ الأمة العربية بحملها...
وإن ديننا وعقيدتنا يأمراننا أن نكون معكم ويأمراننا أن نسالم من يسالمنا، ونحارب من يعادينا.
ونعود إلى السيرة النبوية وإلى قصة صلح الحديبية بشكل خاص، وكيف كان موقف المشركين منه حتى هيأ الله تعالى للمسلمين النصر على أعدائهم بقوة إيمانهم وبإخلاصهم لعقيدتهم لله فكان فتح مكة ونصرة الله لرسوله وجنده نصرًا عزيزًا مؤزرًا.
واعلموا جيدًا أن المملكة تسير في وقوفها مع القضية الفلسطينية على السياسة التي اختطها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- فقد قال الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- اتركوا الشعب الفلسطيني يجاهد ويكافح ومُدوه بالسلاح والمساعدة حتى لا تدخل الجيوش العربية المسيطر عليها من الحكومات، وتصبح المفاوضة مع حكومات فتضطر إلى سحبها كما جرى في الهدنة الأولى.
نحن لسنا أعرف منكم بقضيتكم، ونحن حتى هذا اليوم على سياسة الملك عبدالعزيز نعمل على دعم الشعب الفلسطيني بكل ما نستطيع، ونقف معه في السراء والضراء، وفي كل موقف يتخذه لتحقيق أهدافه ومطالبه وغاياته بأي من الطرق وهي طرق شريفة ولله الحمد.
ونحن نؤكد على أن معركة الشعب الفلسطيني ليست سهلة ومعركتكم مزدوجة داخل وطنكم وخارجه، وأنا أدعو الله عزّ وجلّ أن يوفق الشعب الفلسطيني وقيادته ويسدد خطاهم وينصرهم على من عاداهم.
ومرة أخرى أكرر دعم وتأييد المملكة العربية السعودية ملكًا وحكومة وشعبًا لكم ونحن إخوة دائمًا على الحق والخير إن شاء الله.