«الجزيرة» - المحليات:
في كل محطاته الوظيفية لم تغب القضية الفلسطينية عن اهتمام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان، وحتى وهو في قمة انشغالاته اليومية بهموم عمله أميرًا لمنطقة الرياض آنذاك كانت القدس وفلسطين محط اهتمامه.
وهنا رسالة يوجِّهها -حفظه الله- إلى كل مواطن ومقيم للمساهمة في المحافظة على المسجد الأقصى بالمال الذي هو أحد أهم أشكال الجهاد، وذلك في رسالته -حفظه الله- في (18 -11 - 1411هـ، الموافق 1 - 6 - 1991م):
وهنا نص الرسالة:
حماية المسجد الأقصى من الخطر الصهيوني
كلمة الأمير سلمان بن عبدالعزيز (أمير الرياض) التي وجَّهها إلى المواطنين والمقيمين للتبرع لصندوق القدس في الرياض.
الرياض - في 18 من ذي القعدة 1411هـ (1 - 6 -1991م)
بسم الله رب العالمين
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين.
إلى الإخوة المواطنين والمقيمين بالمملكة العربية السعودية..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قال الله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} صدق الله العظيم.
أيها الإخوة..
إن ما يتعرَّض له المسجد الأقصى المبارك (أولى القبلتين، ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)، وما يتهدده بشكل خاص، وكذلك ما يتهدد الوقف الإسلامي في القدس الشريف بشكل عام منذ الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس عام 1967م، يفرض علينا نحن المسلمين أن نعمل على حمايته من الأخطار الصهيونية الغاشمة التي تهدده وبشكل يومي بالتدنيس مرة، وبالحرق والحفريات مرة أخرى، التي تستهدف من ذلك تدميره وطمسه، وإقامة الهيكل المزعوم لسليمان عليه السلام على أنقاضه، وطمس بقية المعالم الإسلامية والأماكن المقدسة.
مما حدا بمنظمة المؤتمر الإسلامي أن تعمل إلى تشكيل صندوق خاص باسم صندوق القدس، الغرض منه توفير المال اللازم من المسلمين في مختلف الأقطار الإسلامية للإنفاق على الوقف الإسلامي في مدينة القدس بشكل عام، وعلى المسجد الأقصى بشكل خاص.
ولا يخفى عليكم أيها الإخوة أن للمسجد الأقصى مكانة خاصة في نفوس المسلمين في شتى أنحاء المعمورة؛ فإليه أُسري برسول الهدى محمد بن عبدالله - صلى الله عليه وسلم - من مكة المكرمة.
قال تعالى: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
ومنه عُرج به - صلى الله عليه وسلم - إلى السماء، وهو ثالث مسجد من المساجد الثلاثة التي تُشدُّ إليها الرحال.
قال - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُشدُّ الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى».
كما أن الإنفاق على المساجد، وعلى الأوقاف الإسلامية، هو إنفاق في سبيل الله، ومصرف من مصارف الصدقة والإحسان وأعمال البر الخيرة، علاوة على كونه واجبًا إسلاميًّا، يحتم على المسلمين حماية المقدسات والأوقاف الإسلامية وصيانتها، خاصة أنها تحت أبشع أنواع الاحتلال الذي ما انفك يحيك المؤامرات، ويبتدع الحيل لتدميرها وطمسها.
وانطلاقًا من اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز بأن تقوم حملة لتبرعات شعبية من خلال اللجنة الشعبية لمساعدة مجاهدي فلسطين، وذلك لحساب صندوق القدس لتلقي التبرعات، فقد قامت اللجنة بفتح حساب خاص في البنك الأهلي التجاري باسم (صندوق القدس) لهذا الغرض.
وإننا في المملكة العربية السعودية، ومنذ عهد المغفور له - إن شاء الله - الملك عبدالعزيز مؤسس هذه الدولة، وموحد الجزيرة، وإلى يومنا في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز، تعوَّدنا دائمًا على أن نكون من السابقين إلى عمل الخير، والدفاع عن المقدسات الإسلامية، والعمل على رعايتها وصونها.. وهذا ما تفرضه علينا شريعتنا الإسلامية الغراء.
لذا فإنني أهيب بالإخوة المواطنين والمقيمين في المملكة العربية السعودية إلى أن يسارعوا إلى التبرع لهذا الصندوق لدى أي فرع من فروع البنك الأهلي التجاري؛ وذلك صونًا لمقدسات المسلمين في القدس الشريف من الاندثار، وحتى يمُنَّ الله علينا وعلى جميع المسلمين بتحريرها، وفك إسارها من براثن الاحتلال الصهيوني البغيض. أجزل الله لكم الأجر والثواب.
قال تعالى: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ فَعَسَى أُوْلَئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ الْمُهْتَدِينَ}. وقال جل شأنه: {لَن تَنَالُواْ الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُواْ مِمَّا تُحِبُّونَ}.
جعل الله ذلك في موازين حسناتكم، وهو السميع المجيب.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.