م. خالد إبراهيم الحجي
إن السوشال ميديا أو شبكات التواصل الاجتماعي أصبحت حقيقة واقعية في الحياة لكل المجتمعات يشترك فيها العديد من الجهات الفاعلة والطبقات المختلفة، مثل: المواطنين العاديين والنشطاء على مختلف اتجاهاتهم، ومقدمي البرامج الحاسوبية، وشركات الاتصالات، والمؤسسات الحكومية وغيرهم. ومع انتشار استخدام السوشال ميديا ظهرت البرمجيات الحاسوبية القادرة على مراقبة شبكات التواصل الاجتماعي ومتابعتها، ورصد محتواها وكل ما يدور فيها. ومع تطور شبكات التواصل الاجتماعي تطورت أيضاً برمجيات المراقبة الحاسوبية لتتمكن من القراءة والاستماع والمشاهدة للمحتويات المتداولة في شبكات التواصل الاجتماعي بشكل دقيق ومستمر، ومن ثم تحديد وتحليل ورصد المحتويات التي تتضمن كلمات أو جمل أو عبارات لكشف الطابع الغالب عند المدونيين والاتجاهات الفكرية المختلفة لهم. ومن هذه البرامج الحاسوبية برنامج «راند- ليكس 10» الذي طوره فريق من الباحثين من مؤسسة «راند» الأمريكية وهي محضن للفكر ومؤسسة غير ربحية للدراسات والبحوث، لرصد ملايين التغريدات على شبكة تويتر بلغات مختلفة ومنها العربية، لاكتشاف الاتجاهات الفكرية للمغردين في المجتمعات المختلفة عن طريق تحويل الكلمات والجمل والعبارات إلى رموز رقمية (أكواد) حاسوبية، ومقارنتها مع أسس وقواعد لغوية محددة. ويهتم ويركز البرنامج المطور «راند - ليكس 10» على الكلمات والجمل والعبارات التي تظهر في التغريدات أكثر من العدد الطبيعي المتوقع، وتكرارها الملحوظ، وذكرها المتعدد والتعليق المستمر عليها: فيرصد، أولاً: البصمات اللغوية المتميزة عند المغردين، مثل: تكرار عبارة «الخلافة الإسلامية» خلال الحديث عن دور الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى. ويرصد ثانياً: الكلمات والجمل الدالة على الاتجاه الفكري الأصيل والطابع الغالب عند المغردين، مثل: الفرق بين جملة «الفكر الإخواني» وبين جملة «جماعة الإخوان المسلمين»، فاستخدام الاسم المختصر «الفكر الإخواني» شائع عند المغردين أعداء جماعة الإخوان المسلمين المحظورة، بينما أنصارها من المغردين غالباً يشيرون إلى جماعتهم باسمها الكامل «جماعة الإخوان المسلمين». وبهذه الطريقة يستطيع الراصدون بسهولة ويسر التمييز بين الاتجاهات الفكرية المختلفة على شبكة تويتر. وفيما يلي بعض الاتجاهات الفكرية التي رصدها البرنامج على شبكات التواصل الاجتماعي:
(1): رصد البرنامج عشرات الملايين من التغريدات الأمريكية على شبكة التويتر التي تتحدث عن الصحة العامة، وحلَّلها فوجد أكثرها عن التطور السريع في عمليات التجميل المختلفة، والخوف من الإصابة بالسمنة وطرق الوقاية منها ووسائل علاجها.
(2): رصد البرنامج البروبوجاندا الروسية على شبكة تويتر بعد احتلال روسيا لجزيرة القرم الأوكرانية؛ فوجد أن هناك معركة فكرية على شبكة التويتر بين الروس القاطنين في أوكرانيا المؤيدين للاحتلال الروسي للجزيرة وبين النشطاء الأوكرانيين الرافضين للاحتلال الروسي لها.
(3): رصد البرنامج صدى رسائل داعش الدعائية وخطابها الإرهابي لتحديد الكلمات والجمل والعبارات التي تحمل بصمات داعش اللغوية، ومقارنتها مع ستة ملايين تغريدة مصرية لمعرفة تطابقها مع الفكر الداعشي؛ فوجدوا أن (1) إلى (2) في المئة منها يستعيرون كلمات من داعش متطابقة مع مصطلحات يستخدمها الإخوان المسلمون. ومع استمرار التقصي والتحليل لشهور عدة رصد البرنامج تزايداً مستمراً في عدد حسابات المغردين المستخدمين لكلمات وجمل وعبارات داعش على شبكة تويتر، غالبيتها مصدرها شبه جزيرة سيناء؛ فاعتبرها فريق البرنامج علامة واضحة تدل على وجود اتجاهات فكرية مشتركة بين الإخوان المسلمين وبين بعض المغردين المصريين من سيناء.
الخلاصة:
إن البرمجيات تعطي التعليمات للحواسيب لتحليل المعطيات ولكنها لا تستطيع قراءة أفكار المغردين.