ميسون أبو بكر
يبدو أن هناك فيروساً يمكنني أن أسميه جنون البشر أصاب البعض الذين كالوا شتائمهم وغضبهم غير المبرر على المملكة وأهلها، وكأنَ أيد خفية (وأنا ممن يؤيدون نظرة المؤامرة وأخالف إدوارد سعيد في رأيه بهذا الموضوع) تحاول العبث وإثارة الخلافات والنزاعات والشائعات التي تسببت في هذه الفوضى وهذا السخف الذي تتناقله وسائل التواصل الاجتماعي وتمادى لما اقتضته الضرورة إلى مقالات الكتّاب في المملكة وأحبتها حول العالم الذين سارعوا للكتابة الأكثر اتزاناً مما يكتب عبر الفضاء الإلكتروني ولعل بعضه لم يخل من الحدة التي أتت على قدر الألم والدهشة.
من غير المعقول أن يتداعى بعض الفلسطينيين لأصحاب الحسابات الوهمية والمعروف مصدرها وأغراضها وأهدافها فتجيشهم ضد المملكة وشعبها، وأن نشاهد في مقاطع الفيديو التي انتشرت لأفراد يشتمون ويتهكمون ويتفوهون بالشتائم والتفاهات التي أثارت الشعب السعودي الذي اشتعل غضباً ونصرة لبلاد الحرمين التي قوبلت بما لا يليق بدورها ومكانتها وحضورها إلى جانب القضية الفلسطينية العادلة منذ زمن بعيد وعلى أصعدة عدة.
ليس هناك من حجة أو أسباب لهذه الهجوم سوى أغراض تلك الحسابات المعادية للمملكة والتي أشرت إليها وخططها وأهدافها الشيطانية لإثارة الفرقة والصدع في الصف العربي والإساءة للثقل العربي الكبير والبلد الذي يقود التحالفات ضد الإرهاب الذي صنعته إيران وأربابها في المنطقة ووزعته على العالم ككبسولات فيروسية مغلفة.
المملكة التي تحملت العبء المادي الأكبر في دعم فلسطين وكذلك دعمت دخولها لليونسكو قبل أكثر من عام حيث اعتبر انتصاراً تاريخيا للثقافة والتراث الفلسطيني وقد تحملت المملكة العجز المالي الذي تسبب به انسحاب أمريكا من دعم اليونسكو آنذاك بسبب هذا القرار.
الحديث يطول عن وقفة المملكة التاريخية مع فلسطين لكن من الفخر أن أشير أن المملكة لم تفتح سفارة لإسرائيل على أرضها ولم ترفع علماً للدولة المحتلة في سمائها على عكس من يطلق الشعارات الزائفة والحملات الكاذبة ويتوعد بالصواريخ وإرسال الجند إلى الأراضي الإسرائيلية بينما سهامهم وصواريخهم وجهت لأشقائهم العرب ولقلب الشعوب الضعيفة وفكرها.
ذاب الثلج وبان المرج وظهرت الحقائق لتكشف أصحاب النوايا الآثمة، والمحزن أن يستخدم أفراد من الشعب الفلسطيني كأبواق لهم تنعق وتنبح عبر الفضاء الإلكتروني يسيرهم هؤلاء. ما حدث يؤكد نظرية الدكتور غازي القصيبي -رحمه الله- عن لعنة النفط التي شكلت نظرة الحسد تجاه أهل الخليج، ولعل ما حدث فترة الغزو العراقي للكويت وتأييد الرئيس الفلسطيني وقتها لصدام حسين (وليس الشعب الفلسطيني) يعيد للأذهان هذه النظرة وفكرة إعادة تقسيم الثروات في المنطقة.
لعل إطلاق الفلسطينيين اسم البطل السعودي في حرب 48 فهد المارك على أحد الشوارع في فلسطين هو رد ملائم على المسيئين القلة وكرسالة محبة للمملكة وشعبها أرسلها أفراد ومثقفون من الشعب الفلسطيني لإخوانهم في المملكة ويعيد للأذهان أحد الأبطال السعوديين الذين جاهدوا بل قادوا كتيبة في فلسطين وهو أحد النماذج وليس كلها.