فيصل خالد الخديدي
أعلنت قبل أيام منظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة (يونسكو) إدراج فن زخرفة سعودي تراثي وهو (القَط العسيري) إلى قائمة التراث العالمي غير المادي.
ويعتبر هذا إنجازا وطنيا كبيرا ومشرفا في أن يسجل هذا اللون من الفنون التراثية القديمة في منطقة عسير، والذي كانت تقوم به النساء لزخرفة المنازل من الداخل، ليصبح الآن ضمن التراث الثقافي غير المادي المتوارث عبر الأجيال، وتبدعه الجماعات والأفراد من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها وبشكل معاصر ممتد سواء في أفقه الأصلي الذي انطلق منه على أسطح جدران المنازل الداخلية أو في أفق معاصر يلامس المتحفية العالمية والرؤى البصرية المعاصرة، ويكون مصدر إلهام أصيل لكثير من الإبداعات القادمة في الفنون البصرية بشكل عام والتشكيلية على وجه الخصوص، وبالرغم من أن رموز القط العسيري حاضرة في بعض أعمال التشكيلين السعوديين إلا أنها بحاجة لحضور منهجي ومدروس بشكل أكبر وأن تكون أيضاً ضمن الدراسات الأكاديمية المحلية التي تثريه وترسخه كهوية تحليلاً ودراسة.
إن هذا الإنجاز الوطني جاء بعمل دؤوب تظافرت فيه الجهود الخاصة والرسمية بين العديد من الأفراد والمؤسسات التي استشعرت أهمية هذا اللون من التراث المحلي وعملت بهدف واحد وهو تسجيل هذا التراث على المستوى العالمي في اليونسكو وكان لها ذلك بعد أن وحدت الجهود وردمت الفجوات بينها كمؤسسات متنوعة فاشتركت في الهدف وحققته وجاء هذا الإنجاز بشراكة حقيقية تسحق التقدير بين كل الجمعية السعودية للمحافظة على التراث (نحن تراثنا) مع وفد المملكة الدائم لدى اليونسكو ووزارة الثقافة والإعلام ووزارة التعليم وهيئة السياحة والتراث الوطني وإمارة منطقة عسير والمجتمع المحلي العسيري وعدد من التشكيليين والتشكيليات والمثقفين في تكامل يستحق أن يتكرر في الكثير من المشاريع الوطنية لتكون مخرجاتها مميزة باسم الوطن.
إن هذه التجربة الناجحة في تسجيل فن القط العسيري لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة فلدى وطننا الغالي الكثير من الفنون التراثية والإبداعية التي تستحق الاهتمام والتسجيل ومنها في نفس السياق الزخارف الشعبية على المكملات الخشبية في العمارة الداخلية بالعديد من مناطق السعودية ففيها تفرد وتميز يستحق الدراسة والتسجيل.