د. خيرية السقاف
جاءت كلمة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز في افتتاح أعمال السنة الثانية من دورة مجلس الشورى السابعة, بما وجدت فيها بقراءتي الخاصة من الشمول الدقيق, والتركيز على قِوامات مهمة في الشأن المعلوماتي والتنفيذي، أولها تفعيل الشراكة بين القمة, والقاعدة وثانيهما إطلاع, وإعلام الأعضاء بصفتهم الحلقة الرابطة بين القرار وشكل إدارته وتنفيذه, وقد شملت لتحقيق هذين المحورين التذكير بما كان, وبما يحدث, وبما سيكون في شؤون الداخل والخارج, فجاءت تضع الخطوط العريضة تحت الموضوعات الرئيسة بين عينيْ هؤلاء المنوط بهم شأن المجتمع, الذين هم الحلقة بين القيادة, وبين الفعل, هذا النهج في القيادة هو جزء من التكوين الذاتي لسلمان بن عبدالعزيز, وقد ظهرت سماته هذه منذ مشارف إمارته على الرياض, وخلال نصف عقد ونيف فيها, ثم تبدت مقومات هذه الخبرات الطويلة في مواقف, وخطط, ومبادرات هذا القائد, إذ نهج يوطد هذا التفاعل خلال القنوات الرسمية مع الجمهور, وأول هذه القنوات الرسمية الجماهيرية يجيء مجلس الشورى بصفته المنبر العام, إضافة إلى مجالسه الدورية, ثم لقاءاته المناسباتية..
الشاهد في الكلمة الملكية شمولها ودقتها, وأهمية محاورها إذ لخّصت موقف المملكة من الإرهاب, ومواصلة جهود دورها في مكافحته بل الحرب عليه لتجفيفه, واجتثاثه وهو قضية العصر, ثم انبثاقاً التأكيد الصارم بأن «لا مكان لمتطرف» في مجتمعنا كائناً من كان, ثم الوقوف بوضوح لإجلاء الفرق بين الاعتدال, والانحلال, وكان هذا التصريح في الكلمة بالغ الأهمية, يجيء في الوقت الذي تنفذ فيه المملكة قرارات مهمة في الشأن العام, التي يمكن أن ينسل منها من يرغب في تأويل الأهداف, وإنزال المعاني في غير خانات المقاصد منها, «فلا مكان لمتطرف يرى في حربنا على التطرف وسيلة لنشر الانحلال» , وهي من أهم النقاط المحورية في مواجهة القائد مع ممثلي الشعب لتكون الأهداف واضحة لهم, وللجميع, لتكون الأفعال من ثمَّ وفق سياسة كل متغيّر استجد في التنفيذ, لأنّ أول ما تهدف إليه القيادة وتعمل له هو تطوير الحاضر, وبناء المستقبل لتنمية, وتحديث, وتطوير شامل مستديم, «لا يتعارض مع الثوابت»..
ومن الشواهد الأخرى في الكلمة الإشارة إلى النية نحو الاستمرار في تمكين القطاع الخاص, وتحفيز المزيد من مقدرات الأفراد, وجعلهم شركاء في الدعم بكل أنواعه, وتنمية القطاعين الاقتصادي, والتوطيني «بالتوظيف», وكذلك قطاعات التقنية, والتصنيع, ولعل من أهم نقاط المكاشفة التي تنم عن وعي القيادة بحاجة المجتمع لأن يطلع على الحقائق، ما ورد في الكلمة من الرغبة العازمة في القضاء على الفساد المالي «بكل أشكاله» لخطورته في تقويض أركان المجتمع ونخر أوتاده, على أنّ المجتمع ليس خلياً من النزهاء, الذين يعملون بنزاهة, ويبذلون بأمانة..
ولم يغفل قائد البلاد شرائح المجتمع باختلاف طيوفها بما فيهم المقيمون، إذ لفت بتقديره للنزهاء منهم, الذين تعتز بهم البلاد قائداً, وشعباً, وهم المواطنون العاملون, والمقيمون المستثمرون..
أن تكون هذه كلمة قائد البلاد في هذه المكاشفة الصريحة, الشاملة, التي ختمها بالتحفيز, والدعاء, والامتنان, فإننا نضعها بين أيدي كل مسؤول لتكون نبراساً في بناء قاعدة التعامل مع جميع من يعمل معهم.
حفظ الله سلمان بن عبدالعزيز قائداً ملهماً, وراعياً أميناً..