يوسف المحيميد
لا شك أن الدعم الذي تقدمه الدولة لأسعار منتجات الطاقة عمومًا كان جيدًا كما يبدو لأول وهلة، لكن إعادة النظر فيه تكشف أن معظم هذا الدعم يذهب إلى الفئات غير المستحقة، سواء الأثرياء من المواطنين، ممن لديه القصور وعشرات السيارات، فيأخذ من الدعم أضعاف ما يأخذ غيره من المواطنين العاديين، أو المقيمين الذين تصل أعدادهم إلى الملايين، ويحصلون على امتيازات المواطن من الدعم. وهذا لا يحدث في معظم دول العالم التي تميز مواطنيها عن غيرهم.
من هنا نجد أن معظم هذا الدعم الذي تقدمه الدولة يذهب إلى من لا يستحق الدعم؛ لذلك كان لا بد من تصحيح أسعار الطاقة بطريقة عادلة، تكفل توجيه الدعم المدفوع إلى الفئات المستحقة من المواطنين. ومن هنا جاءت فكرة حساب المواطن، الذي من شأنه تخفيف الأثر الناجم عن تغيُّر أسعار الطاقة، من بنزين وكهرباء.
هذا الحساب الذي يدعم المواطن بمبلغ مناسب، يخفف أثر رفع الدعم عن البنزين والكهرباء، يعتمد نجاحه على دقته في تحقيق العدالة بين المواطنين، وهو ما عملت عليه وزارة العمل بمراعاة حجم الأسرة، وأعمار أفرادها، ومستوى دخلها، وغير ذلك من عوامل يمكن من خلالها تحديد المبلغ الشهري الذي يساعد الأسرة على سداد احتياجاتها من البنزين والكهرباء، إضافة إلى ضرورة التعامل مع هذه المنتجات من الطاقة بطريقة واعية، من حيث ترشيد استخدامها، والحرص على المحافظة عليها، خاصة أننا من بين أكثر الدول استهلاكًا للطاقة.
من هنا، نلاحظ أن حساب المواطن من الجانب النظري، يُعتبر فكرة رائدة، وحلاً مثاليًّا لمعالجة أثر تصحيح أسعار الطاقة، ولكن مسألة التطبيق والديمومة هي ما تجعله أكثر نجاحًا؛ فما دام الأثر موجودًا، وهو رفع الدعم عن الأسعار، يجب بقاء هذا الحساب، وجعله من أولويات الدولة وعنايتها؛ لسبب بسيط جدًّا، هو المحافظة على بقاء الطبقة الوسطى في المجتمع، بل توسعها؛ إذ تمثل صمام الأمان لكل المجتمعات واستقرارها.