جاسر عبدالعزيز الجاسر
على عكس طبيعة الفصول المناخية تنتظر إيران فصل شتاء ساخناً، وساخناً جداً، فالإدارة الأمريكية وجدت أن أفضل أسلوب لإسقاط الاتفاق النووي الموقع من قبل ست دول، أربع منها غربية، واثنتين شرقية وآسيوية، روسيا والصين، هو دفع الحلفاء الغربيين إلى تحمل مسؤولياتهم في مواجهة «شرور نظام ملالي إيران»، وبما أن أمريكا وجدت تمنعاً غربياً، وبالذات من بريطانيا وفرنسا وألمانيا في الانضمام لها برفض بنود الاتفاق النووي الذي تم تمريره في عهد الرئيس الأمريكي السابق أوباما، بعد أن فضلت الدول الغربية الحليفة ما ستحصل عليه من طهران من عقود وصفقات تجارية، وبعضها وقع فعلاً، وأن باريس ولندن وبرلين يرون أن الاتفاق النووي الذي يجمد التصنيع النووي الإيراني عشرة أعوام سيدر عليها مليارات «اليوروات» و»الدولارات» وأن ما ستجنيه من الصفقات التي ستبرم مع ملالي إيران يجعلها تغمض عينيها عن نشاط إيران في تصنيع الصواريخ البالستية، وتزويد الأنظمة العميلة لها والمليشيات الطائفية التي نشرتها في الدول العربية بهذه الصواريخ.
فالذي يهم حلفاء أمريكا من الفرنسيين والبريطانيين والألمان أن توقف إيران تصنيع الأسلحة النووية ولو لفترة بسيطة في زمن الدول، ولا يهم أن ترسل أسلحة وصواريخ لتخريب أمن واستقرار الدول العربية، ومواصلة إنشاء وتكوين المليشيات الإرهابية؛ فالمهم لدى الأوروبيين الغربيين ألا تتعرض إسرائيل إلى خطر توصل ايران إلى صنع قنبلة نووية.
أما ما تقوم به إيران من تهديد لأمن واستقرار العرب ونشر المليشيات الطائفية، فذلك لا يمكن الاعتراض عليه عملياً طالما يحصلون على مقابل من ملالي إيران.
صفقة أخرى، السكوت عن أعمال ملالي إيران الشريرة مقابل الحصول على عقود وصفقات منتظرة من بلاد ظلت مغلقة في وجوههم، أما العرب فيمكن الاعتماد عليهم في شراء أسلحة وصواريخ مضادة لصواريخ إيران.
الإدارة الأمريكية لديها سيناريو آخر، إذ إن الرئيس ترامب يعمل على تكوين تحالف دولي من الدول العربية وبالذات الخليجية وأوروبية غربية لإلغاء الاتفاق النووي الغربي مع طهران، وحتى إن لم تستجب الدول الغربية الثلاث التي كانت ضمن معادلة 5+1 فإن عدم تصديق ترامب على الاتفاق يجعله بلا قيمة، خاصة وأن الإدارة الأمريكية جادة في إعادة العقوبات الاقتصادية وتغليظها ضد نظام ملالي إيران، والتي كان آخرها معاقبة مرشد الملالي علي خامنئي وجنرال الارهاب قاسم سليماني، وسوف يعمل تتابع العقوبات الاقتصادية على نظام طهران وعودة الحصار المالي على إضعاف حكمهم، والذي قد يدخلهم في مواجهة مع الجماهير الإيرانية التي تعيش الحد الأدنى من العيش والكرامة والحرية مما يضيف أعباء جديدة على حياتهم اليومية ما يهدد باندلاع ثورة جياع حقيقية، وبما أن ملالي إيران لا يمكن أن يضحوا بالحكم فإنهم سيكونون جاهزين للانخراط بمفاوضات جادة لإضافة حظر تصنيع الصواريخ البالستية إلى معاهدة حظر التصنيع النووي العسكري، لتكون معاهدة تشمل حظراً للتصنيع النووي والصواريخ البالستية، ورغم أن طهران ترفع صوتها عالياً برفض مناقشة صناعة الصواريخ البالستية، فإنهم وعندما يبدأ تأثير العقوبات الاقتصادية ستتواصل محاولات تجار الصفقات في الغرب لإقناع واشنطن ببدء تفاوض لتشمل بنداً إضافياً يشمل حظر تصنيع الصواريخ البالستية إلى جانب حظر تصنيع الأسلحة النووية.
وهنا تبرز أهمية مشاركة الدول الخليجية العربية في أي مفاوضات قادمة للدفاع عن حقوقها ومصالحها حتى لا تغيب كما فعل أوباما أثناء مفاوضاته الماضية.