د.دلال بنت مخلد الحربي
من أهم الأمور التي يلتزم بها في العصر الحديث في جوانب كثيرة من الحياة تطبيق مقاييس ومعايير تكون الميزان الذي يحكم من خلاله على مدى نجاح أو وضوح أمر من الأمور.
ومعروف أن هذه المعايير تشيع في عالم الصناعة بكافة أنواعها، فليس هناك صناعة في الدنيا إلا ويلتزم بها بمقاييس ومعايير دقيقة تكون هي الحكم في مدى جودة التطبيق أو عدمه، حتى في القضايا التجارية والاقتصادية هناك معايير ومقاييس تضبط السوق، وتضبط التعامل بين الأفراد والمؤسسات.
وينطبق الأمر على العلاقات الدولية، ومدى نجاحها في توثيق صلات الدول بعضها ببعض، وفِي الأمر سعة لو أردنا أن نمضي في الحديث عن المقاييس والمعايير في كافة أمور الحياة.
ومن ثم إن التركيز على الجانب العلمي قد يعطي صورة أكثر وضوحاً، فهناك معايير تطبّق في كل جزئية من الحياة التعليمية، ابتداءً من مناهج التدريس وطرقه، وأدواته، وكيفية ترقي منسوبي التعليم من درجة إلى أخرى، وهذا أمر يطبّق على مستوى العالم، فعلى سبيل المثال في الترقيات العلمية هناك معايير دقيقة جداً تلتزم بها الدول المتقدّمة هدفها الأساسي أن لا ينضم إلى هيئة التدريس أو يترقى في السلم الأكاديمي، إلا من كان قادراً على الأداء وفقاً لمعايير يراعى فيها الجودة والعمل المتقن والتواصل والذكاء وإلى غير ذلك.
أما الترقيات فقصتها طويلة، إذ لا يحصل على الترقية إلا من توفرت فيه الشروط التي تنطبق مع المعايير الخاصة بالجودة والبحث العلمي حتى لا ينفذ إلا من كان لديه القدرة الحقيقية على التدريس والذي يمتلك الثقافة والعلم وأدوات البحث، ومن هنا فإن كل من يفتقر إلى معيار من المعايير المطبّقة لا يمكنه أن يصل إلى المرحلة التالية في مجال الترقية العلمية.
إن علينا أن أردنا أن نرتقي بتعليمنا الجامعي أن نطبّق المعايير والمقاييس الدقيقة العالمية بكل شدة، وبكل دقة، حتى لا يتاح لمدعي العلم النفاد، ومن ثم لا يقومون بالهدم وتدمير الحياة التعليمية الصحيحة لأنهم إن أتيح لهم وهم لا يرتقون إلى المستوى المطلوب للانخراط في هذه المهنة وفقاً للمعايير والمقاييس الموضوعة أو المحددة فإن ناتج وجودهم في التعليم كارثة على مستقبل التعليم والأجيال التي تتخرّج من تحت أيديهم ونتاج أفكارهم المسطحة لكل شيء.
المعيارية هي طريقنا إلى تعليم أكثر جودة وأقدر على مواجهة المستقبل.