«الجزيرة» - محمد السلامة:
شارك وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد عبدالعزيز الفالح، ووزير التجارة والاستثمار الدكتور ماجد عبدالله القصبي، والمشرف على صندوق الاستثمارات العامة ياسر عثمان الرميان، في مؤتمر صحفي عقد أمس في الرياض والخاص بأثر الإنفاق التوسعي على القطاع الخاص، والذي يأتي ضمن فعاليات إعلان الميزانية العامة للدولة.
وقال وزير التجارة والاستثمار: «إن الوطن يمر في مرحلة تحول تاريخية مهمة اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً، ورؤية المملكة 2030 هي خطة طموحة استباقية شاملة جاءت لتحقق طموحاتنا وطموحاتكم وطموحات أبنائنا وبناتنا، ومن حق المواطن أن يكون له طموح، وأن تكون المملكة تواكب دول العالم بخدماتها ومجتمعها». كما بين أن الميزانية هذا العام تاريخية وشاملة ومتنوعة، كونها تراعي جودة في الصرف، بمعنى أن هناك إنفاق برأسمالي وتشغيلي، أي أن هناك مشاريع فيها ضخ أموال لبناء بنية تحتية، كما أن هناك إنفاق استثماري، وإنفاق تحفيزي، مما يسهم في تحريك الاقتصاد، ويمكن ذلك رجال الأعمال من أن يكونوا شركاء في التنمية.
وأفاد القصبي، أن وزارة التجارة والاستثمار تعيش حراكًا غير عادي، حيث إن البنية التنظيمية على مستوى الوزارة الأول الهيئة العامة للاستثمار المرتبطة بوزارة التجارة، حيث تم تأسيس الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة، وأيضا تم تأسيس الهيئة السعودية للملكية الفكرية، مفيداً أن البنية التنظيمية على مستوى وزارة التجارة والاستثمار في تطور مستمر. كما كشف أن هناك إعادة تشكيل ودمج جهات وتأسيس هيئات، وأن الميزانية هي الممكن الحقيقي والمحرك لخلق فرص عمل كي تمكن القطاع الخاص للإسهام في تمويل الاقتصادي المستمر.
وقال نستهدف المستثمر السعودي وكذلك المستثمر الأجنبي وهناك تواصل مباشر ومستمر معهم، كما نستهدف الاستثمارات العالمية النوعية التي تشكل قيمة مضافة للبلد، وتم خلال الـ 20 شهرا الماضية استثمار 48 شركة عالمية تستثمر في المملكة. وبين القصبي أن برنامج ريادة الشركات الوطنية يهدف لجعل 100 شركة وطنية واعدة لتكون رائدة إقليميا وعالميًا وخلال الفترة الماضية تم التواصل مع أكثر من 400 شركة وطنية.
فيما استهل وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية المهندس خالد الفالح مشاركته برفع أسمى آيات الشكر والتقدير لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع - حفظهما الله -، على الدعم الذي وجدته قطاعات الطاقة والصناعة والثروة المعدنية ما انعكس على الميزانية العامة للدولة. وقال: «إن الحجم التاريخي لهذه الميزانية يعكس سمة تعيشها بلادنا منذ انطلاق رؤيتنا 2030، وهي الطموح الذي لا حدود له، فسقف التطلعات يبقى دوماً مرتفعاً، يحفز ويدفع نحو المزيد، وقطاع النفط في المملكة - بحمد الله-، يعزز هذا الطموح في نفس الوقت الذي يعيش القطاع فيه طموحا لا ينتهي، فاستقرار أسواق النفط الذي جاء ثمرة للحكمة والعزيمة التي لا تكل لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله -، وما منحه ذلك للمملكة من حضور قوي في المحافل الدولية، أثمر عن بناء تفاهم تاريخي اشترك فيه منتجو النفط من داخل الأوبك والذين من خارجها مع كبار المستهلكين أيضاً تجاه أهمية تحقيق هذا الاستقرار لضمان أمن الطاقة العالمي، وقد جاء هذا الاتفاق وما نجم عنه من استقرار للسوق النفطية بنتائج إيجابية على اقتصاد المملكة وزاد من طموحها وعزز تطلعاتها».
وتابع الفالح: «إن أثر هذا الاتفاق في إعادة التوازن في سوق النفط من خلال التخفيض الجاري للمخزونات العالمية يتزايد تدريجياً مع مرور كل شهر، فقد نجح في تقليص الفائض في المخزونات التجارية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) منذ يناير وحتى أكتوبر 2017 بأكثر من 200 مليون برميل، في حين تبقى أقل من 140 مليون برميل من الفائض، وقد نجحت جهود المملكة لتمديد اتفاقية خفض الإنتاج حتى نهاية العام 2018م بهذا الغرض»، موضحاً أن «هذا النجاح يعزز موثوقية المملكة، ويحافظ على مكانتها المرموقة في صدارة صناعة النفط والغاز، واستمرار استثمارات قطاع النفط الذي يزيد على 400 مليار ريال في السنوات الثلاث القادمة (140 مليار ريال في العام 2018)، الذي يعد مساهمةً كبيرةً في دوره لدعم الاقتصاد الوطني».
وشدد وزير الطاقة الصناعة والثروة المعدنية أن هذا القطاع «يسجل له أنه حين يسعى إلى تحقيق طموحاته، لم تفته أهمية تعزيز فرص دعم اقتصاد المملكة من خلال رفع نسبة المحتوى المحلي في متطلبات قطاع الطاقة من السلع والخدمات إلى 70 % ، والسعي إلى تنويع الاقتصاد من خلال بناء طاقة تصديرية تعادل 30 % من الصناعات المحلية المساندة لقطاع الطاقة تستهدف المناطق المحيطة بالمملكة، والتأكيد أيضا على دور الصناعات المتوسطة والصغيرة في ذلك». واستشهد بما تتيحه «هذه الميزانية التوسعية في مجال هذا القطاع، هو السير قدما في مشروع مجمع مصفاة جازان، والذي سيقوم عند اكتمال إنشائه بمعالجة 400 ألف برميل من الزيت الخام (قد تصل إلى 480 ألف برميل)، كما سيشمل المجمع تدشين محطة توليد الكهرباء المتكاملة بطاقة إنتاجية كبيرة تبلغ 4 جيجاوات. وكذلك ما نسعى إليه في قطاع الغاز، حيث سيتم إضافة إنتاج 2.5 بليون قدم مكعب يوميا عن طريق حقل الفاضلي خلال العام 2019، بما يسهم في توفير المزيد من الغاز للمساهمة في نمو قطاعات إنتاج الكهرباء والصناعة التحويلية، وسيتم أيضاً في العام القادم - بإذن الله - تشغيل التوسعة الجديدة لحقل خريص النفطي، برفع إنتاجه من 1.2 برميل يومياً إلى 1.5 مليون برميل يومياً».
وبين الفالح، أن من أهم أهداف وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية الذي تعززه هذه الميزانية التاريخية، تنويع مزيج مصادر الطاقة، بما يتيح تطوير سلسلة توريد مستدامة واقتصادية وتنافسية للسوق المحلية والتصدير، وقد أطلق في هذا السبيل برنامج الطاقة المتجددة الذي يهدف إلى زيادة حصة الطاقة المتجددة من إجمالي الطاقة المنتجة بالمملكة لتصل إلى 4 % بحلول عام 2020 و10 % بحلول عام 2023، لافتاً النظر إلى أن أبرز المشاريع المجدولة في هذا البرنامج «سيجري خلال الربع الأول من عام 2018، الإعلان عن العرض الفائز بمشروع سكاكا للطاقة الشمسية، وسيتم استلام وثائق مشروع طاقة الرياح في دومة الجندل الذي يبلغ حجمه 400 ميغاوات». كما نوه بأنه يجري حالياً الإعداد لطرح مشاريع المرحلة الثانية من البرنامج، التي تشمل مشروع طاقة الرياح بحجم 400 ميغاوات، وعددا من مشروعات الطاقة الشمسية المختلفة بحجم إجمالي يبلغ 620 ميغاوات، مضيفاً: تضم المرحلة الثالثة من البرنامج الوطني للطاقة المتجددة 10 مواقع للمشاريع، بما فيها مشاريع الطاقة الشمسية المركزة ومشاريع تحويل النفايات إلى طاقة، إضافة إلى مشاريع الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح، وسيتم الإعلان عن إطلاق مرحلة التقديم لعروض التأهل للمشروع الأول من هذه المرحلة في منتصف 2018. أما قطاع الطاقة النووية، فاكتفى الفالح بالتأكيد على أن برنامج الطاقة النووية في بدايته من بناء محطتي مفاعلات نووية كبيرتين، حيث إنه من المتوقع توقيع العقد في نهاية 2018.
وعبر الفالح عن سعادته لصدور موافقة المقام السامي الكريم على استراتيجية التعدين الجديد، قائلاً: سعدنا جميعا بصدور موافقة المقام الكريم، مؤخراً على هذه الاستراتيجية التي تسعى إلى تطوير سلاسل القيمة للمنتجات المعدنية بهدف تعزيز الاستفادة من الثروات المعدنية في تطوير صناعات وسيطة وتحويلية تخدم الأسواق النهائية وتدعم الطموحات الأوسع في مجال التطور الصناعي في المملكة حتى يصبح قطاع التعدين الركيزة الثالثة للصناعة السعودية إلى جانب البترول والغاز والصناعات البتروكيماوية، مشدداً على أن الاستراتيجية «تهدف إلى إطلاق عدة مبادرات منها برنامج الاستكشاف الجيولوجي في العام 2018 لتسريع عمليات الاستكشاف الحكومي، والقطاع الخاص، ووضع نتائج الاستكشاف في قاعدة البيانات الجيولوجية الوطنية، لتوفير البيانات للمستثمرين. تطوير وتسريع إجراءات إصدار الرخص التعدينية».
وعن مشاريع التعدين أجاب الفالح قائلاً «ستعزز تلك الاستراتيجية مشاريع كبرى، منها مشروع مجمع الملك سلمان للصناعات والخدمات البحرية في مدينة رأس الخير، الذي بدأت أعمال الإنشاء به، وستكون عمليات الإنتاج الرئيسة فيه في نهاية عام 2019، وسيسهم المجمع بأكثر من 50 مليار ريال من الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، والحد من واردات المعدات والخدمات البحرية، بقيمة تصل إلى 40 مليار ريال، كاشفاً عن مدينة الملك سلمان للطاقة في المنطقة الشرقية التي ستضيف 22.5 مليار ريال سعودي للناتج المحلي سنوياً وهي أيضا تحت عمليات الإنشاء». كما أشار إلى أن جنوب المملكة سيشهد سبعة مشاريع استثمارية في مدينة جازان للصناعات الأساسية والتحويلية في مجال صناعات البتروكيماويات والأدوية والحديد والخرسانة بتكلفة تبلغ 16 مليار ريال، كذلك شمال المملكة سيطلق مشروع استكمال المرحلة الثانية من تطوير البنية الأساسية الصناعية والسكنية للمدينة الصناعية لمدينة وعد الشمال باعتمادات حكومية قدرها ملياري ريال، هذا بالإضافة إلى مشروع شركة معادن الثالث للفوسفات، باستثمارات تصل إلى 25 مليار ريال».
أما مدينة رأس الخير، فذكر الفالح أن هناك مشروع توسعة مصهر الألمنيوم في مدينة رأس الخير سيجعل المملكة من أكبر عشرة منتجين للألمنيوم في العالم بتكلفة إجمالية تقدر بـ 3.5 مليار دولار، وسيوفر هذا المشروع آلاف الوظائف ويعزز بناء صناعات تحويلية لمنتجات الألمنيوم في مدينة رأس الخير.
وعن احتساب سعر متوسط برميل النفط المتحتسب في الميزانية، أكد وزير الطاقة بأن هناك خطة متوازنة جداً للتعامل مع إيرادات الدولة من البترول ومن الصعب لأي دولة رغم عمل المملكة في موازنة السوق العالمي معرفة ذلك، ولا نستطيع تحديد موازنة معينة، ولكن من خلال اللجنة المالية التي يرأسها سمو ولي العهد فهناك 4 سيناريوهات وتم التعامل مع كل سيناريو لموازنة الدولة وجميعها يعتمد على 50 في المائة من الإيرادات البترولية والاعتماد على الموارد غير البترولية وهي كبيرة أو الاقتراض أو السحب من الاحتياطي. وأضاف أنه متفائل جدا قائلا «أسواق البترول تعافت بشكل كبير بفضل الدور الذي قامت به المملكة والأسعار وصلت إلى 64 دولارا للبرميل، وعام 2018 سيكون استمرارا لما في العام 2017، ونأمل أن ينعكس ذلك على الإيرادات وبناء الاحتياطات».
وعن برامج المحتوى الجديد، أكد وزير الطاقة بأن برامج المحتوى الجديد تحسب المحتوى المحلي ليس بعدد الوظائف التي توفرها الجهة بل بكم الرواتب التي تدفعها ونسعى للنوعية من الوظائف وهناك العديد من المعاهد التدريبية والتي لديها شراكة مع القطاع الخاص والتي توفر وظائف للمتدربين مباشرة بعد انتهاء التدريب.
وفيما يخص صندوق الاستثمارات العامة، أوضح المشرف على الصندوق ياسر عثمان الرميان في المؤتمر الصحفي أن «نمو محفظة استثمارات الصندوق وصل في العام الجاري 2017 إلى 840 مليار ريال من الأصول الخاضعة للإدارة من 570 مليار ريال في العام 2015، لافتاً النظر إلى أن الصندوق استثمر ما يقارب 70 مليار ريال في استثمارات محلية وعالمية في العام الجاري 2017 كذلك.
وأبان الرميان أن الصندوق أسس تسع شركات محلية بهدف تنمية وتطوير عدد من القطاعات، منها: الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري، الشركة الوطنية للصناعات العسكرية، صندوق الصناديق، وشركة الاستثمار في الترفيه، كما تم إطلاق عدد من مشاريع البنى التحتية والتطوير العمراني، منها: مشروع رؤى الحرم المكي، رؤى المدينة، جدة داون تاون الجديدة.
وتطرق الرميان إلى المشاريع العملاقة مضيفاً أن الصندوق أطلق ثلاثة مشاريع عملاقة تهدف إلى إنشاء منظومات عمل جديدة وهي: «مشروع نيوم، مشروع البحر الأحمر، ومشروع القدية»، وعلى الصعيد الدولي أشار إلى أن الصندوق أبرم شراكات مع نخبة من الشركات العالمية الرائدة، أبرزها سوفت بنك، بلاك ستون وعدد آخر من الشركات الروسية والفرنسية في قطاعات مختلفة. كما أكد أن الصندوق استمر في جهود التطوير المؤسسي بإعادة الهيكلة الداخلية، وتحديث إطار الحوكمة لتعزيز الشفافية ورفع فاعلية اتخاذ القرار، مع السعي في الوقت ذاته إلى استقطاب الكفاءات السعودية والعالمية المتخصصة»، مشدداً على أن ذلك تضمن وضع الاستراتيجية الاستثمارية التي تعكس دورة كمحرك فعال لتنويع الاقتصاد في المملكة تماشياً مع رؤية المملكة 2030 .
وتطرق الرميان إلى النجاح الذي حققه منتدى «مبادرة مستقبل الاستثمار»، الذي شمل مشاركة أبرز الجهات الاستثمارية الكبرى والمؤسسات المالية الدولية، إضافة إلى قيادات ومؤثرين على المستوى العالمي في قطاعات الأعمال المختلفة، مبيناً أن ذلك «جزء من مسيرة التطور والطموحة التي تهدف إلى أن يصبح الصندوق أكبر صندوق ثروة سيادية على المستوى العالمي».
وكشف ياسر الرميان المشرف على صندوق الاستثمارات العامة أنهم ينظرون إلى الاستثمار في شركة أوبر بنظرة إيجابية، مفيدا أن العوائد تضاعفت منذ دخول الصندوق عام 2016 كمستثمر في الشركة التي تعتمد على النقل التشاركي والتي تتواجد في مختلف دول العالم. وبيّن الرميان أن الصندوق دخل في «أوبر» بشريحتين الأولى عبر إصدار أسهم جديدة وكان التقييم 60 مليار دولار، مشيرا إلى أن صندوق «سوفت بنك» يسعى حاليا للدخول في الشركة بنفس التقييم الذي دخل به «الاستثمارات العامة»، إلا أنه أشار الوزير أن الصندوق يتفاوض مع بعض المستثمرين القدامى لشراء حصصهم أو بعضها وهذا عائد للتفاوض. وختم الرميان إجابته بالتأكيد على أن النظرة إلى أوبر إيجابية بحكم أن الشركة موجودة في كثير من دول العالم فيما منافسينها يظلون محليين في الدول التي تدخلها.
وقال الرميان إن صندوق الاستثمارات العامة أنفق 70 مليار ريال استثمارات محلية وعالمية، مضيفا أن الصندوق ينظر للاستثمارات الداخلية والخارجية بعين واحدة من أجل التنوع في الاستثمارات واقتناص الفرص.
وبحسب الرميان فإن محفظة صندوق الاستثمارات العامة نمت إلى 840 مليار ريال، مضيفا أن الصندوق لديه محفظتان دوليتان و4 محافظ محلية مثل المشاريع الضخمة والأسهم السعودية تضم 80 شركة، ومحفظة تطوير القطاعات، لها ارتباط قوي مع القطاع الخاص، والمحفظة الرابعة البنية التحتية والقطاع العقاري.