يوسف المحيميد
ليس مقلقاً أن يكون لديك عدو واضح، يعلن أنه عدوك، ويكيد لك، ويتمنى لك الشر بوضوح، لكن بينك وبينه حدود إقليمية، لكن المقلق أن يكون عدوك بجوارك، فيك، تحت جلدك، ينام تحت سقفك، ويأكل من طبقك، ويعيش من خير أرضك، لكنه يتمنى زوالك وموتك، فهذا النوع من الأعداء هو ما يثير قلقك وخوفك، لأنه يتآمر عليك، ويخفي عنك ذلك حتى تكتشفه مصادفة، أو يزل به لسانه لحظة فرح وتشفٍّ بسقوطك أو خسارتك!
هذا ما حدث من مواطن عربي مقيم في بلادنا، وربما غيره كثير ممن يحسدنا، ويتمنى زوال نعمة الأمن والاستقرار في بلادنا، فقد كتب تغريدة يعبِّر فيها عن تأييده ميليشيا الحوثي الإرهابية بعد إطلاق صاروخ باليستي على الرياض، تم تدميره - بحمد الله - دون ضحايا، ولا خسائر في الممتلكات، وبالطبع أصدر النائب العام أمرًا بالقبض عليه ومحاكمته.
هذا لا يعني أن إخوتنا العرب، المقيمين معنا منذ عقود، يتصرفون كهذا الأحمق، أو يحملون حقدًا كما يحمل، لكن التساؤل هو: كيف يجحد الإنسان نعمة الله عليه، وكيف يجرؤ على التطاول على هذه البلاد التي منحته أمنًا وسعةً في الرزق، كما لم يمنحه وطنه، بل تعاملت معه في كل الخدمات كما تتعامل مع المواطن، لا تفرِّق بينه وبين ابن البلد في المدارس والمستشفيات، وقد ينال أحيانًا ما لا يناله المواطن في فرص العمل، ومع ذلك يتطاول ويتمنى الشر لهذه الأرض وأهلها الطيبين!
وما هذا إلا نموذج بسيط وعابر من نماذج الحقد الدفين، الذي بدأ يظهر بقوة في مواقع التواصل الاجتماعي، من أشقائنا العرب، كما لو كنا سرقنا أوطانهم أو بلدانهم، أو كنا سببًا في تخلّف دولهم، وفشلها اقتصادياً وسياسياً، وكأننا مسؤولون عنهم، وكأن النمو الاقتصادي الذي ننعم به، والبناء الذي صنعناه في وطننا، هو حق لهم ونحن حرمناهم منه. إن هذا ما نعانيه نحن العرب منذ عقود، نترصد إخوتنا وأشقاءنا، ونحسدهم على ما رزقهم الله، ونتمنى زوال نعمهم، بينما نتجاهل العدو الحقيقي الذي يهدِّد أمننا واستقرارنا وهويتنا.