يوسف المحيميد
لم يكن مستغربًا تلك الخطوات الإصلاحية في الإعلام السعودي المرئي، وكنا نتوقعها منذ زمن، لكن ذلك الانتظار تعزز أكثر بوجود الزميل داوود الشريان على رأس هيئة الإذاعة والتلفزيون، ووجود المذيع المثقف خالد مدخلي، وقبل ذلك الوزير العواد بنشاطه ورؤيته الجديدة، فلم يكن ثمة جدوى أن نمتلك سبع أو حتى عشر قنوات فضائية ميتة، لا تحظى بأي نسبة متابعة جيدة على الإطلاق، ما عدا انتظار صدور أوامر ملكية أو ما يتعلق بالشأن السعودي الرسمي.
إن قرار تعليق بث القناة الثانية في التلفزيون السعودي لحين تطويرها؛ كي تخاطب العالم بلغة جديدة ومبتكرة ومنافسة، كان - من وجهة نظري - أهم القرارات التي اتخذها معالي وزير الثقافة والإعلام؛ لأننا - وكما كتبت مرارًا في هذه الزاوية - نواجه حربًا إعلامية شاملة، سواء في الغرب أو في الجوار؛ ولا بد أن نخاطب العالم بلغته، وبتفكيره الذي يفهمه.. ولو كان لي من الأمر شيء لدفعت كل ما أملك حتى أصنع إعلامًا متفوقًا باللغة الإنجليزية، واستقطبت أكثر الأسماء الإعلامية الأجنبية شهرة، وأفضل الخبرات الأجنبية لإدارة هذه القناة، ودربت الشباب والشابات السعوديين على العمل في هذه القناة إعدادًا وتقديمًا وإخراجًا؛ كي نصل للعالم كما نحن، وكما نريد، لا كما يتخيل هذا العالم عن حياتنا وأفكارنا.
أيضًا قرار دمج القنوات مع بعضها، كالاقتصادية والإخبارية، كان قرارًا صائبًا؛ فالاقتصاد والسياسة لا ينفصلان، وتقديم الجانب الإخباري والتحليلي لهما معًا بشكل احترافي قد يوجِد قناة مميزة؛ تستحق المتابعة. أما بالنسبة للقناة الثقافية فقد جعلت المتلقي يتجاهلها لسنوات، ولا يهتم بها من اسمها المباشر؛ فالثقافة بكل مكوناتها، أدبًا وفنونًا بصرية ومرئية، يمكن أن تكون ضمن قناة عامة، تشتمل على مادة ثقافية متنوعة ومشوقة.
ولعل ما كنت أتمناه هو التفكير بالطفل، الذي ننساه دائمًا في غمرة انشغالنا بما نراه أكثر أهمية؛ فوجود قناة طفل متميزة على غرار القنوات الأجنبية قد تحظى باهتمام أطفال الجيل الرقمي الذين سبقونا بسنوات ضوئية وعيًا ومتابعة لما يحدث في العالم.
كما تمنيتُ أن يعلن الوزير موقعًا إلكترونيًّا نشطًا، يحمل اسم السعودية دوت نت، يواكب ما تبثه القنوات من خلال النمط الرقمي والتواصل الاجتماعي، بالتقاط أبرز الأخبار وأكثرها تشويقًا، كما تفعل القنوات التجارية الفاعلة والمؤثرة.