د. محمد عبدالله العوين
وعد معالي وزير الثقافة والإعلام الدكتور عواد العواد برفع دراسة شاملة للمقام السامي؛ لاعتمادها، وتتضمن الدراسة خطة دقيقة لتطوير الإعلام السعودي بأدواته وقنواته المتعددة.
وكان من هذه البوادر الجيدة أمر معالي الوزير بتعليق بث القناة الثانية إلى حين استكمال خطة تطويرها وتحويل الثقافية إلى عامة لتساند الأولى في أداء مهامها، مع منح الثقافية المتحولة إلى عامة فضاء أوسع لمتابعة الأنشطة الثقافية والفنية، وضم الاقتصادية إلى الإخبارية؛ لتكونا قناة واحدة، في سعي إلى تجميع الجهود المبذولة في القناتين.
وحبذا لو شملت خطة التطوير إذاعات المملكة التي تراجع أداء كثير منها وضعف محتواها في اتجاه معاكس لإمكانية الإفادة بذكاء من رحابة الفضاء الإعلامي ومن أدوات التواصل الحديثة، وهو تراجع معاكس؛ فقد كان الأداء الإذاعي وبخاصة في إذاعة الرياض قبل 11 سبتمبر أكثر جرأة واحترافا على التماس مع قضايا الوطن التنموية والاجتماعية والثقافية.
وكان من المأمول أن تبشر الوزارة برفع خطة شاملة لتطوير الإعلام والثقافة معا لنلغي قاعدة قديمة؛ وهي أن الثقافة تقتات على الإعلام وتعيش على هامشه وما يفيء به عليها من فتات، وهو أمر لا يصح أن يستمر في زمن التحديات الصعبة التي لا يحسن أن ينزوي المبدعون من الأدباء والمفكرين وغيرهم من أرباب القلم بعيدين عن إظهار مكنونات هذا الوطن الأدبية والفكرية؛ فهؤلاء هم الصوت الحقيقي الواثق المتمكن الذي يبرز للعالم عبر منابر الرأي في الداخل والخارج وفي المحافل الدولية الشخصية السعودية المثقفة المنفتحة المتسامحة، وتبنيها ودعمها وتشجيعها من قبل الوزارة جزء مهم من إستراتيجية الدفاع عن الوطن والذب عنه ودفع التهم التي تلصق به ونسف التقولات التي ينسجها من يستهدفون وطننا بالإيذاء والتنقيص.
فلعل الهيئة العامة للثقافة تضع خطة تشمل دعم كل أوجه صناعة وإنتاج الأعمال الثقافية والفنية من سينما ومسرح وكتاب وفنون تشكيلية وغنائية وفلكلور ومهرجانات وندوات وحفلات تكريم وجوائز تشجيع للمبدعين في كل فن .
ومن المفيد الإشارة إلى أن الحلم السريع بتحويل أدوات الثقافة والفن من أدوات توعية تحتاج إلى دعم من الحكومة إلى وسائل إنتاج تدر على الحكومة الربح الوفير لم يحن وقته بعد؛ بل لا بد من الانتظار إلى أن تتوطن فنون كثيرة طارئة جديدة على مجتمعنا لم يألفها بعد كالسينما والمسرح مثلا -وهما الأكثر شعبية من غيرهما- لتحقق غاياتها الأولى المهمة؛ وهي الارتفاع بمستوى الوعي والتذوق الفني والتحضر المدني، ثم يمكن أن تكون لاحقا مكتفية بنفسها -على الأقل- دون أن تحتاج إلى دعم من الدولة.إن ثقافتنا الآن في وضع خمول شديد، وتحتاج إلى دعم كبير من الوزارة كي تنهض بأدوارها الوطنية، ولن تستطيع ذلك دون أن تمدها الوزارة بأكسجين الحياة؛ وهو المال.
علينا ألا ننتظر ربحا ماديا من أي نشاط ثقافي أو فني؛ فالفائدة الكبرى للوطن من الثقافة والفن تفوق بكثير أي مكاسب يمكن جنيها من أية صناعة أخرى.