د.علي القرني
حتى تكون الصورة جلية في أن إيران كانت تخطط ومنذ سنوات طويلة لبناء حزب الله آخر في اليمن، أسوق لكم هذه المعلومة التي ذكرها لي زميل هنا في أبها.. يقول هذا الزميل: كنت في أحد الفنادق في أبها التي استضافت شخصية سياسية إيرانية هو الرئيس الأسبق لإيران هاشمي رفسنجاني، ومعروف هذه الشخصية تقلدت معظم المناصب الكبرى في إيران، وكان حينها وهو في زيارة للمملكة رئيساً لمجمع تشخيص مصلحة النظام. وذكر لي هذا الزميل أن رفسنجاني كان في زيارة إلى منطقة عسير، وبينما كان زميلي يتحدث معه عن أمور عديدة، فاجأه الرئيس الإيراني هاشمي رفسنجاني بسؤال كان مستغرباً في حينه: كم تبعد صعدة عن أبها؟.. ولم يخطر ببال هذا الزميل هذا السؤال أبداً، ولم يدرك في حينه أي ملابسات وعلاقات بين طهران وصعدة، كما أن الشأن اليمني في حينه كان مستقراً.
وتساءل زميلي وأنا كذلك لماذا لم يقل السيد رفسنجاني كم تبعد صنعاء عن الرياض، أو كم تبعد صنعاء عن أبها؟.. ولماذا وفي ذلك الحين وقبل أكثر من عشر سنوات طرح رفسنجاني سؤاله عن بعد صعدة من أبها؟.. وبينما كانت الدهشة تحيط بكل الحضور في ذلك الوقت من مثقفي المنطقة، إلا أن السؤال مر ببراءة السعوديين، كأنه سؤال عن كم تبعد أبها عن أي مكان آخر في المملكة.. ولكن الحقيقة هي أن إيران ومنذ عشرات السنين وهي تربي هذه الجماعة الحوثية لتكون منظمة إرهابية تعبث في أمن واستقرار اليمن. وكعادة الإيرانيين هو بناء جسم غريب داخل جسم الدولة كما حدث في لبنان وصناعة حزب الله هناك، وبالتالي كانوا يخططون من سنوات طويلة على صناعة حزب آخر مسلح مدرب ليكون عوناً لهم على تنفيذ خططهم وبرامجهم التوسعية في المنطقة، وتحديداً ليكون شوكة تهدد أمن واستقرار المملكة.
وكنت شخصياً قد كتبت قبل سنوات أن إيران تمتلك إحدى الجزر في البحر الأحمر وكانت أشبه ما تكون بقاعدة عسكرية، تدرب فيها جماعات الحوثيين، وتهيئهم ليوم يأتي، ليقوموا بدور عبثي في أمن واستقرار المنطقة. كما كانت الأسلحة ومنذ سنوات طويلة تدخل إلى اليمن في شحنات تجارية ويتم تفكيكها وتسلميها للجماعة الحوثية.. وهذا يعكس بكل تأكيد مؤامرة كبرى على أمن واستقرار العالم العربي، وخاصة الدول المحيطة بالمملكة. ومن الواضح جداً أن إيران قد وضعت في إستراتيجيتها العليا تقويض أمن واستقرار المملكة، وأصبحنا نحن السعوديين العدو الأول لإيران، وهذا ما تعكسه أجندتها السياسية والعسكرية والأمنية والإعلامية.
إيران لا زالت تعبث في منطقة الشرق الأوسط، ولا زال المشروع الإيراني الصفوي يشتغل بكل قدراته على نشر نفوذه وبسط مذهبه السياسي في كل مكان في المنطقة، دون رادع أو عقاب أو خوف وبتخطيط مستمر.. فها هو زرع حزب الله في لبنان، وزرع جماعة الحوثيين في اليمن، وزرع ميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وأرسل الحرس الجمهوري وميليشيات إلى سوريا، وها هو يحاول باستمرار تقويض أمن واستقرار مملكة البحرين، كما أنه ابتلع الجزر الإماراتية في الخليج العربي.. كما أنه استطاع أن يزرع قطر كشوكة في نحر الخليج، وأصبحت تنفذ مطالبه، وتقدم له كل الخدمات اللوجستية والإعلامية والسياسية والعسكرية، وفوق كل شيء أصبحت قطر (الحكومة طبعاً) تأتمر بأوامر إيران وتنفذ أجندتها في المنطقة.