فهد عبدالله العجلان
لم أشأ أن أكتب حول الموازنة في 2018 في حينها ليقيني أن زخم المعلومات الكثيرة التي تلقاها المواطن والمقيم حين إعلانها كبير؛ وقد لا يسعفه الوقت في إدراك بعض تفاصيلها؛ لذا من فضل القول اليوم أن أقول إنها الموازنة الأكبر في تاريخ المملكة، وهي حقيقة لكنها ليست مصدر التميز الأهم ولا الوحيد. اللافت في موازنة 2018 تحديدًا - من وجهة نظري - أنها الموازنة الأولى في تاريخ المملكة العربية السعودية التي يمكن أن نتفاءل بكل تجرد بأنها موازنة التنمية «الكفؤة»؛ فقد جاءت بعد ثلاث سنوات تقريبًا من إعادة صياغة المؤسسات والهياكل الوطنية المضطلعة بالإنفاق الحكومي. وفي هذا الكثير من الحديث..
من أبسط أبجديات المالية العامة وعلاقتها بإدارة التنمية أن الإنفاق الاستثماري هو قاطرة الإنتاج الحقيقية. واليوم تفاجئنا موازنة 2018 بأنَّ نِصف هذا الإنفاق سيتم - ولأول مرة - عبر صندوق الاستثمارات العامة وصناديق التنمية الوطنية، وهو ما يحمل الكثير من الدلالات، أهمها أن القيمة المضافة لهذا المبلغ المرصود - وهو قرابة 133 مليارًا - ستكون الأساس في هذا الإنفاق. كما أنها ستتم وفق معايير مؤسساتية نوعية عالية خارج إطار الهياكل الحكومية التقليدية..
الجانب الأهم أيضًا الذي يشي بكثير من التفاؤل أن مبلغ الموازنة الكبير قد يكون هذه المرة الأكثر فاعلية من خلال إدارة الإنفاق، وتنفيذ المشاريع المختلفة بعد أن رفع خادم الحرمين الشريفين لواء الحرب على الفساد والمفسدين بمتابعة فاعلة من لدن سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؛ فاليوم لا يمكن أن يتجرأ فاسد بتعطيل أو عدم تنفيذ مشروع ما، أو إنقاص جودة تنفيذه وهو يرى سيف العزم ماضيًا في قطع دابر المفسدين؛ لذا سيكون من المهم اليوم أن نقوم بدورنا نحن المواطنين في ممارسة الحق في التنمية بدعم مؤسسات الوطن لتحقيق أهداف 2030 التي ستحرر اقتصادنا من قيد النفط الأبدي. ونحن هنا لا نتحدث عن أحلام؛ فنصف إيرادات موازنة 2030 ستأتي من خارج براميل النفط.. والقادم دومًا أجمل للوطن!