جاسر عبدالعزيز الجاسر
في المؤتمر الدولي الذي نظمته المقاومة الإيرانية في باريس، لفت الدكتور رياض ياسين سفير الجمهورية اليمنية في باريس الذي شغل سابقاً وزيراً للخارجية وقبلها وزيراً للصحة، النظر إلى معلومة مهمة جداً لكل من يتابع الأوضاع في اليمن، فهذا البلد العربي الذي ابتلي بتدخل ملالي إيران، بعملائهم وأذرعتهم الإرهابية الذين انتشروا كالخلايا السرطانية في العديد من الدول العربية كلبنان وسوريا والعراق والبحرين واليمن، وعملوا على نشر الفتن الطائفية في اليمن البلد الذي عاش أهله متخاوين ومتحابين ولا تشعر بوجود خلافات ولا حتى فوارق طائفية، وقد لمست شخصياً ذلك قبل ابتلاء اليمن بما فعله عملاء ملالي إيران، وقد لمست خلال زياراتي العديدة لليمن التي تجاوزت العشرات، حيث زرت اليمن من أيام حكم العقيد إبراهيم الحمدي واستمريت في ذلك إلى آخر أيام حكم الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وفي كل زياراتي التي شملت كل أرجاء اليمن من الشمال إلى الجنوب، لم أكن أشعر بأن هناك فرق بين أبنائه ومع أني أعلم ومن خلال قراءاتي بأن محافظات عمران وصعدة وحجة وذمار تضم أغلبية زيدية، وهم الذين ينتمون إلى مذهب يعد أحد مذاهب الشيعة، إلا أنه أقربهم إلى أهل السنة، ويقلدون الإمام زيد بن علي بن الحسين، ويشكلون أقلية في محافظة إب وبعض مديريات محافظة البيضاء، أما باقي المحافظات من محافظة تعز حتى محافظات حضرموت والمهرة، يتبعون المذهب الشافعي، وهو أحد المذاهب الرئيسة لأهل السنة.
لم يكن أحد يستطيع فرز اليمنيين شوافع أو زيديين، فالكل متسامح ومتعايش ولا تسمح حتى النقاشات التي تجري عادة في بعض المجتمعات، تغيرت هذه الصورة عندما استقطبت حوزة قم في إيران بعض اليمنيين من أتباع بدر الدين الحوثي للدراسة في تلك الحوزة لإعدادهم لنشر التشييع الفارسي، وكان من ضمن من أرسل إلى إيران الابن البكر لبدر الدين الحوثي «حسين» الذي عاد من إيران وشكل أول نواة لميلشيات الحوثي في اليمن مستفيداً من أموال وأسلحة ملالي إيران، التي اعتمدت على الحوثيين وهم جماعة كانوا يعتنقون المذهب الزيدي، إلا أن بدر الدين الحوثي وأبناءه حولوهم إلى أتباع المذهب الشيعي بصيغة فارسية بحتة حيث اعتنقوا فكر ولاية الفقيه التي كان الإمام زيد بن علي الحسين يمقتها ويحاربها وهي سبب خلافه مع شقيقه الإمام الرابع في سلسلة المذهب الأثني عشري.
في البداية قاد حسين بن بدر الحوثي ميلشيات الحوثيين في مدينة صعدة وعندما اشتد عودها وأصبح لها شأن خاض الرئيس السابق علي عبد الله صالح والجيش اليمني عدة حروب مع هذه الميلشيات التي أخذت تكبر وتقوى بسبب تدفق الأموال والأسلحة من ملالي إيران وقد ارتكب الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح واحدة من أفدح أخطائه حينما تحالف مع هذه الميليشيات للقضاء أو تحجيم خصومهم من حزب الإصلاح الذي يقوده أبناء الشيخ عبد الله الأحمر وفرع الإخوان المسلمين في اليمن، وقد مكن ذلك التحالف الحوثيين من الاستيلاء على محافظتي عمران وذمار وقبلها صعدة، خاصة بعد تساهل بل وحتى تعاون عناصر الحرس الجمهوري اليمني بتعليمات من علي صالح ومكنهم من الاستيلاء على اللواء الرابع القوي التابع للجيش اليمني، ثم تبدأ عملية انتشار وسيطرة الميليشيات الحوثية على باقي محافظات اليمن بمساعدة من قوات الجيش اليمني الذي انشق أغلبه، قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة وقوة الصواريخ التي يديرها علي صالح وأقاربه وأخذت تنفذ أجندة ملالي إيران بواسطة ميليشيات الحوثي، وحققت للملالي أمنيتهم في «احتلال اليمن» بتنفيذ انقلاب جمع ميليشيات الحوثيين ومن انشق عن الجيش اليمني ممن يتبعون علي عبد الله صالح لتسقط اليمن في قبضة ملالي إيران منظمة إلى الولايات الفارسية «العراق وسوريا ولبنان» وكادت مخططات ملالي إيران تنجز لولا القضية العربية المتمثلة في عاصفة الحزم التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الذي ساند ما تبقى من الجيش الوطني اليمني الذي تمسك بالشرعية التي تمثلت في الرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته التي أفرزتها مقررات الأحزاب والجماعات اليمنية وتفاهمات الأسرة الدولية ومبادرات مجلس التعاون.
الشرعية اليمنية ووقوف الحاضن الإقليمي في إجهاض ابتلاع اليمن من قبل عملاء ملالي إيران الذين لم يجلبوا إلى اليمن فقط الفتنة الطائفية، بل أشد أنواع الأسلحة فتكاً باليمنيين من ألغام وآليات وصواريخ جعلت العديد من اليمنيين معوقين وهددت جيران اليمن بهجمات الصواريخ العدوانية.
وهنا يلفت الدكتور رياض ياسين إلى ما أحضره الإيرانيون وعملاؤهم إلى اليمن من دمار وفتن على عكس ما كان يحصل عليه اليمن وحتى الآن من مساعدات من أشقائه دول الخليج العربية وبالذات المملكة العربية السعودية والإمارات والكويت.
السعودية تبنت العديد من المدارس والمستشفيات وعبدت الطرق والإمارات مثلها ولها الفضل في إحياء سد مأرب والكويت أنشأت جامعة صنعاء، أما ملالي إيران فزرعوا أرضها بالألغام وأشغلوا أهلها بالفتن الطائفية.