د. محمد عبدالله الخازم
وكالعادة نسأل من حولنا كيف ترون عامكم الذي يوشك على الأفول. العام 2016م كان عنوان سنة الضياع، أما عام 2017م فأغلب أعضاء شلة (الوكر) يرونه عام التغيير والبعض صنفه عام البدايات. هذا العنوان يشيء بالحياد، فليس هناك ميل طاغٍ لجهة محددة من البندول. التغيير يحمل سمات تضع الناس في مواقف متعارضة بين متحمس وبين خائف، بين من يعشق التغيير وبين من يتبع مبدأ (الله لا يغير علينا). هناك المتشائم والمتفائل، وبينهما المتشائل. توفر المعلومة والشفافية في شرحها يساعد في تغيير القناعات وتقبل التغييرات. التجارب السابقة لها دور في قناعات الناس، والمشاركة في الرأي وفي التنفيذ مهمة لكسر طبيعة الحذر والخوف من فكرة التغيير.
عامنا الذي نودعه اليوم حمل جرأة التغيير، أو البدايات التي يراها البعض مقدمات لمزيد من التحليق. وتحديدًا على المستوى المحلي السعودي، تعد كمية التغييرات التي حصلت هذا العام كبيرة جدًا، محفزة لأن نقول لعلها بدايات الخروج من الشرنقة. سنخرج من نمطية تفكير اجتماعية وثقافية معينه لنخلق أنماطًا أخرى من الوعي الثقافي والاجتماعي. محوران اجتماعيان شكلا عنوان التغيير؛ الأول، الترفية الاجتماعي المباح. هو حق مباح لمن أراد مشاهدة حفلة فنية في بلده أو مشاهدة كرة قدم أو الاحتفال في الأماكن العامة أو مشاهدة السينما. الثاني، المرأة لها حقوقها الاجتماعية المماثلة للرجل، لها حق القيادة وحق مشاهدة المباريات وحق حضور السينما والمسرح والحفلات الغنائية. كانت الرؤية 2030م اقتصادية في عنوانها الرئيس، لكنها بادرت بالشأن الاجتماعي فتجاوزت المتوقع في فترة قصيرة جدًا. عنوانها؛ تعبنا ونحن داخل الشرنقة، لا بد أن نخرج لنعيش مثل العالم.
هذا التغيير بالتأكيد له طابعه الاقتصادي أو هو ممهد لذلك، لكن التغير الاقتصادي الكبير ما زالت تتشكل معالمه. لا نقصد التغيير في تحسين مداخيل الميزانية ومعادلة الوارد مع المنفق، وإنما التغيير الهيكلي الكلي في حركة التخصيص وتوزيع التنمية وتحفيز الاقتصاد. في نمط الأداء وآلية الإدارة ونوعية المخرجات. لا شك أن الرؤية السعودية تحمل كثيرا من المبشرات وبالتأكيد هناك صعوبات تتمثل في توفر العناصر البشرية القادرة على إحداث التغيير وفي الأنظمة وآليات العمل الحكومي وغير ذلك من العوائق. بدأت الحكومة بحلحلة الجانب الاجتماعي للتهيئة للتغيير ويجب أن تعمل بشكل أكبر على الجانب الإداري. ربما الحاجة ماسة لجهة ما تؤسس لغرض الإصلاح الإداري - لجنة تنظيمية مركزية مثلاً - تعمل على تسريع وتيرة إصلاح الأنظمة والهياكل الإدارية الحكومية.
كان عام الخروج من الشرنقة، كما سمى ابني عامه المنصرم وهو يصف تحولاته الاجتماعية الخاصة به. هناك أمور حولنا خارج إرادتنا أو لا نفهمها جيدًا فلا نملك سوى الأمل بحلها وتحسنها دون الوقوع في براثن التأويل. وعلى ذلك أقيس، لا استوعب تفاصيل السياسية والتقلبات الإقليمية وإنما أملك الدعاء بأن تفرج الأزمات من حولنا وفي محيطنا الإقليمي والعربي وأن تنهض الأمة من كبواتها. نحن مع وطننا وقيادتنا نتمنى العيش في سلم وسلام.
جعل الله عامكم القادم خيرًا من عامكم المنصرم، على كافة الصعد والمستويات.