د. محمد عبدالله العوين
لا أعلم ماذا حدث بعد كتابة هذا المقال مساء يوم الأحد الماضي من تطورات متسارعة في الشأن الإيراني، فقد يكون خبر انتصار ثورة الشعب الإيراني - لو تحقق - أجمل وأعظم خبر ليس استهلالاً رائعاً للعام الميلادي الجديد 2018م، بل ربما يحتل المرتبة الأولى كأهم وأخطر حدث على المستويات العربية والإقليمية والعالمية خلال نصف قرن.
ربما يتم إجهاض انتفاضة الشعب الإيراني، فقد تلجأ عصابة الملالي إلى استخدام آخر ما لديها من وسائل القمع كخطوة انتحارية ليس بعدها - إن فشلت - إلا الانهيار التام، وقد بدأت في استخدامه منذ اندلعت الشرارة الأولى قبل أسبوع، وسارعت إلى استدعاء فصائل الحشد الإجرامية الطائفية من العراق لتتولى القمع إنابة عن قوات الأمن التي لم تبد حماسة كبيرة في مواجهة الثائرين، إلا أن ضباطاً كباراً من قادة الجيش حذّروا من استباحة دم الشعب الإيراني وهدّدوا بالوقوف معه حال تم استخدام القوة المفرطة، وثمة مؤشرات تدل على ارتباك نظام ولاية الفقيه وانشقاق قيادته بعضها على بعض، فقد تبيّن أنهم متمزقون فيما بينهم يتربص بعضهم ببعض ويضحي الكبير بالصغير طلباً للخلاص، والمتوقّع أن يحسم الجيش الأمر ويتولّى زمام السلطة ويقبض على رؤوس العمائم الكهنوتية النخرة ويدخلهم المعتقلات ثم تبدأ محاكمتهم والقصاص منهم؛ إرضاءً للشعب الإيراني الثائر ضد المظالم والفساد والفقر والتجويع وتبديد ثروات بلاده في تكوين المليشيات والحروب والتدخل في شؤون الدول الأخرى.
سيكون سقوط نظام الملالي - لو حدث - خلال أيام أو أسابيع أهم وأخطر عوامل التغيير الإيجابية إلى الأفضل، وبخاصة في الدول العربية وعلى مستوى العالم.
ولنمض في سياق هذا التفاؤل بسقوط أو قرب سقوط نظام ولاية الفقيه بعد أن اهتزت الأرض الإيرانية من تحته بعزيمة وصمود واستبسال وتضحية الشعب الإيراني المضطهد الذي عانى ويلات الفقر والتخلّف والإهمال بسبب عمائم قم، لنتفاءل ونتأمل كيف ستتغيّر مناخات الأمن والسلم على مستوى العالم بسقوطه، وكيف سيبدأ العالم العربي إعادة تشكيل نفسه من جديد بعد أربعين عاماً دامية مرة من الصراعات والفوضى التي جلبتها ثورة الخميني المشؤومة عام 1979م.
ولنفترض أن الدول الكبرى التي احتضنت المقبور الخميني وساعدته ودعمته إلى أن أجلسته على عرش إيران لتنفيذ «أجندة» معينة في المنطقة يئست من نجاح الخطة بعد فشلها فشلاً ذريعاً في تمزيق العالم العربي وإنهائه بالربيع العربي المزعوم، وبعد أن آلمتها ما خلفته عليها ثورة الخميني أو ما استدعته من تكوين تنظيمات معه أو جماعات متطرفة ضده من أعمال إرهابية في أوروبا وأمريكا، إذا لم تمانع الدول الكبرى في قفز الجيش على السلطة وتكوين نظام سياسي مدني بعد استقرار الأحوال وهدوء عاصفة التغيير ستدخل منطقتنا العربية، وعلى رأسها المملكة مرحلة جديدة آمنة، وستنعم بالرخاء والازدهار، وستسقط أنظمة وأحزاب وعملاء وطوائف، ستتغيّر المنطقة برمتها وكأنها لم تعش أربعين عاماً من الدم والخراب واستهلاك الثروات وتأخر التنمية.. يتبع