د. عبدالرحمن الشلاش
انتفاضة الشعب الإيراني البطل على نظام البطش والقمع في إيران يوضح مدى الكبت الذي يعانيه شعب صابر مغلوب على أمره، حقوقه منهوبة وأحلامه موؤده, يرزح في وطنه تحت وطأة قاسية من حكم ديكتاتوري بغيض متدثر برداء الدين، والدين بريء منه إلى يوم الدين. نظام خاضع لسياسة الولي الفقيه والذي يحتم أن يبقى الفرد تابعا وموجها لأجنداته وتوجهاته الضالة.
سنوات طويلة عاشها شعب إيران تحت الظلم والقهر والجوع والفقر يكافح ويناضل من أجل لقمة عيش وكسرة خبز يابسة، وبارقة أمل وسط سواد كالح ووميض تفاؤل يطرد عن نفسه المتعبة الشعور العميق بالقهر والذل، لذلك لم يجد سبيلا ليفجر ما بداخله سوى الانتفاضة العارمة، وثورة الشعب الجائع وسط دولة دخلها القومي بالمليارات كواحدة من أغنى دول العالم، لكن مقدرات وطاقات وكنوز من المعادن والذهب الأسود مهدرة في سبيل حماقات ومجازفات ليس للشعب المسكين فيها يد. الشعب هاهو اليوم يثور، وهي ثورة تمثل بداية الشرارة لسقوط نظام الملالي بعد أن سئم الناس وملوا من العيش تحت الذل والفقر. هذه بداية الانتفاضة لشعب بات يشعر بحسرة من تعرضه للذل والهوان داخل وطنه من نظام مستبد غاشم متعطش للقمع وكبت الحريات بل واغتيالها وتصفية المعارضين وإعدام كل من يطالب بحقوقه ومن يصدع برأيه.
كأن الشعب الثائر هناك في المدن والقرى والأرياف الإيرانية يوجه رسالة واضحة وصريحة لكل العالم، في مضمونها غصة وحشرجة ليقول فيها هذه إيران التي تتبجح باستقرارها المادي وقوتها الاقتصادية، رغم أنها وبلا جدال تحتل مرتبه ضمن الأعلى فسادا في العالم إذ تعادل ديونها 35% من الناتج المحلي، فأين تذهب هذه الأموال وفي أي سبيل تنفق؟ إيران موقعها حاليا في سلم مكافحة الفساد 131 من بين 176 دولة يرصدها مؤشر الشفافية العالمية. من هذه الإحصاءات الموثقة لا غرابة أن ينتفض الشعب فقد طفح الكيل والشعب يرى نظامه البائس يبذر أمواله في دعم جماعات وأحزاب إرهابية لبث ونشر الفوضى في المنطقة وتحريض الشعوب على حكوماتها، وتكريس الطائفية واستقطاب مرتزقة الإعلام العربي لتحسين صورة نظام الملالي فكان من كل هذا قيام الثورات في أجزاء من الوطن العربي، وفرض الهيمنة الفارسية في عواصم عربية لتطويق المنطقة كي يسهل على النظام الفارسي تحقيق طموحاته المجنونة.
صرف المليارات من قوت الشعب الإيراني في مشاريع حمقاء سيكون مآلها الفشل الذريع، وقد بدت اليوم الأوراق التي نظمها النظام الفارسي بالسقوط الواحدة تلو الأخرى. من حق الشعب الإيراني محاسبة نظامه الغاشم على تبديد ثرواته فقد طال صبره. خريف فارس يهب في كل جزء من إيران ليبشر بسقوط نظامه الظالم الفاشي.