سعد بن عبدالقادر القويعي
لطالما ادعت قناة الجزيرة زورا أنها صوت الشعوب، وضميرها الحي؛ لكن ازدواجية المعايير المهنية التى طبقتها، وفق أجندتها السياسية التي تسعى إليها، لم تستطع - هذه المرة - كما فعلت ذلك من قبل- الخروج من تأثير التوجه السياسي المعروف لسياسة دولة قطر، وقدرتها على تمرير الأكاذيب بكونها حقائق منتهية، بعد أن ارتمت في أحضان الملالي، وولاية الفقيه؛ ولتغمض عينها عن المظاهرات الشعبية التي خرجت - قبل أيام - في عدد من المدن الإيرانية؛ اعتراضا على الغلاء، والبطالة، والفساد، وسياسات الحكومة الفاشلة - الداخلية والخارجية.
تمارس قناة الجزيرة الميكافيلية في أوضح صورها وفقا لأجندتها بما يخدم قضاياها القومية، وبيئتها السياسية - في نهاية المطاف - إذ تبرز الاحتجاجات الإيرانية بالمسيرات المؤيدة للنظام الإيراني، وأن المظاهرات لا تستهدف إسقاط « نظام ولاية الفقيه «، وإنما سياسات الحكومة الإيرانية، والرئيس روحاني، ومن ثم تعمل على نهج فرض قوة سياسية لجهات قائمة، تنتسب إليها تلك القناة، وخدمة مشروع ملالي طهران، - إضافة - إلى اتجاهات الإسلام السياسي، والحركي؛ تنفيذًا لتوصيات مراكز الدراسات ذات التأثير في صنع القرار الأمريكي.
تغطية الجزيرة للاحتجاجات الإيرانية، ومحاولاتها الحثيثة لذر الرّماد في العيون ليست كل الحكاية، ففضائحيتها غابت عن المشهد بشكل دراماتيكي، يثير الازدواجية في المعايير المهنية؛ ولأنها لم تطبق المعايير المهنية في تغطيتها للأحداث الجارية في إيران، فقد دأبت على قلب الحقائق، ومحاولة الالتفاف على الواقع، وشن الأكاذيب - الإعلامية والنفسية -؛ لتحقيق أهدافها، وذلك من خلال تبني استراتيجيتها، وتنفيذ أهدافها.
اللافت للنظر سياسة الازدواجية التى تمارسها القناة فى التعامل مع قضية المظاهرات الإيرانية، - وفي المقابل - فإن القناة التي دأبت على اختلاق الأحداث، وتصويرها في العديد من الدول العربية، من بينها: مصر، والبحرين، وغيرهما، وذلك وفق تحالفات دولية تفوح رائحتها بالخيانة، والكراهية الغادرة؛ كونها متهمة بزعزعة استقرار الدول العربية، وصناعة التحريض، والتلفيق، والتزييف، والتضليل، والانتقائية، وغياب الموضوعية؛ لتسقط - مرة بعد مرة - في مستنقع المؤامرة، والتوقيت المشبوه لمخططات الغرب.
لن يطول الوقت حتى نؤكد لقناة الجزيرة كذب ما يعتقدون، فمنذ بدايات تأسيس قناة الجزيرة عام 1996 م سقطت ورقة التوت المهنية؛ ليأتي التضليل - المشار إليه أعلاه - في تطور كبير، يدق جرس الإنذار لدى دولة الفقيه، ورفع شعارات « الموت لروحاني «، و» الموت للديكتاتور «؛ باعتبار أن ما يحدث في إيران، هو انتفاضة شعب مكلوم، صرفت أمواله على صناعة الإرهاب العالمي، وتعكير صفو العالم، وحقوق الجار، عبر سجل كارثي أسود لـ38عاما من الجرائم، والنهب، والسطو.