د.علي القرني
الآن إيران تغلي، وبدأت الأمور تتكشف أمام الرأي العام الإيراني، فالنظام هناك وضع كلَّ جهده وإمكاناته ومليارات الدولارات التي استعاده من الولايات المتحدة في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في دعم ميليشيات إرهابية في سوريا واليمن ولبنان والعراق. هذه هي الحقيقة المرة التي يحاول النظام الإيراني تجاهلها أو اخفائها عن الشعب الإيراني.
أكثر من نصف الشعب الإيراني يقع تحت طائلة الفقر، بينما الحرس الثوري وميليشياته الموجودة في دول الجوار تصول وتجول عبثاً بأمن واستقرار الدول الموجودة فيها، وتحديدًا في العواصم التي سبق أن أعلنتها طهران عواصم شيعية بالمذهب السياسي لإيران، في العراق ولبنان وسوريا واليمن. فقد استنسخت إيران هذه الميليشيات وزرعتها في تلك الدول، لتكون أدوات تلعب بها إيران لزعزعة الأمن والاستقرار في تلك الدول.
وما يدور حالياً في معظم المدن والقرى الإيرانية ليس إلا ردة فعل عفوية من الشعب الإيراني المغلوب على أمره، وهي محاولات لدفع الضرر الذي وقع على المواطن الإيراني خلال العقود الماضية بسبب العنجهية التي تعمدها النظام في دعم الإرهاب الخارجي على حساب لقمة العيش للمواطن الإيراني، ومن أجل نشر الفوضى في المنطقة وتقويض أركان النظام العربي على وجه التحديد.
والمفتاح الذي أخرجه الرئيس الإيراني روحاني من جيبه أثناء حملته الانتخابية وقال إن المشكلات الاقتصادية لدي حلول لها رافعًا المفتاح دليلاً أنه سيعمل على حل المشكلات الاقتصادية. ولكنه في الظاهر لم يكن المفتاح الحقيقي، وكما يبدو أنه أخرج مفتاحاً للميليشيات الإرهابية في الخارج بدلاً من مفتاح الاقتصاد. نعم هذا ما حدث فعلاً، فالأوضاع الاقتصادية للشعب الإيراني من سيئ إلى أسوأ، وتنامى الفقر والبطالة والحاجة بالمواطن الإيراني هو المهيمن على الحياة في إيران.
إن إرادة الشعوب هي فوق إرادة الأنظمة، وما نراه من مظاهرات في كل المدن الإيرانية والعنف الذي يواجه به الحرس الثوري هذه المظاهرات هو ربيع إيراني تأخر عن موعده. كما أن الشعارات التي تطرحها هذه المظاهرات تعكس الإحباط الذي يعيشه الشعب الإيراني، بما في ذلك الأقليات العرقية الموجودة داخل إيران، والتي تم سحقها فيما مضى، ولكنها اليوم تنتفض بقوة، متحدية كل أدوات القمع والإرهاب المدني الذي زرعه النظام الإيراني منذ ثورته عام 1979 وإلى اليوم. فهل سيكون هذا العام 2018 وهو العام الإربعون للنظام الإيراني هو عام سقوط النظام الإيراني؟ ربما يحدث إذا استمرت الانتفاضة بالزخم نفسه، وبالقوة نفسها والتوجه، لا سيما أن بعض الشعارات الآن بدأت تنادي بسقوط النظام الإيراني الديكتاتوري، وتترحم على نظام شاه إيران، رغم سوئه.
لقد استطاع الحرس الثوري الإيراني أن يخطف الحكومة اللبنانية من اللبنانين بسبب زرعه لميليشيا حزب الله في لبنان، كما استطاع الحرس الثوري الإيراني أن يزرع جيشاً من الميليشيات ليكون ندًا للجيش الوطني العراقي، كما استطاع الحرس الثوري أن يقاتل المعارضة السورية، واشترى ميليشيات أجنبية ودفع لها المال وأعطاها العتاد للقتال ضد المواطن السوري. أما في اليمن فقد اشترى الحرس الثوري جماعة الحوثيين منذ سنوات ورباهم على الفكر الإرهابي، وغذاهم بالسلاح والعتاد من أجل زرع الفتنة وتقويض الأمن والاستقرار في اليمن. هذه هي استثمارات إيران في الخارج، والتي جاءت على حساب لقمة العيش للمواطن الإيراني، ولكن الله يمهل ولا يهمل.