مها محمد الشريف
الانتفاضات الشعبية في المناطق الإيرانية، متفقة على رفض الهياكل السياسية الاستبدادية والأزمة المعيشية الحادة وتبديد ثروات البلاد على صفقات الأسلحة المليارية ودعم المليشيات الإرهابية، وبدافع من الارتباط العاطفي للشعوب تعاهدات على ثورة من أجل حياة أفضل، فقد شهدت منعطفات خطيرة أفقدتهم الثقة بالنظام السياسي، وتحول الشعب من مضطهد إلى ند قوي يقرر مصيره بعدما سئم عيش التهميش والضغوط والقوانين التعسفية.
وجاء سقوط أكثر من 14 قتيلا من المتظاهرين على أيدي رجال الأمن في عدد من المناطق الإيرانية. أثارت في طبائعهم ثورة عنيفة شاملة لم تفلح الدعوات التي أطلقها روحاني في تهدئة الأجواء. لذا، نقول إن الاحتجاجات الإيرانية احتجاجات جماهيرية انتقلت إلى المدن الفقيرة، ولها تأثير كبير لأنها أعلنت مطالبها بصوت عال واتخذت موقفا وطنيا موحداً من أجل حريتها وحصول الأقليات على حقوقها، وعلى المسؤولين ورجال الدين فهم أهمية الإصلاح السياسي والاقتصادي، فلن تهدأ الصراعات الداخلية حتى يتعافي النظام من وباء الديكتاتورية والتسلط باسم الدين وتسقط العمائم المزيفة من على المنابر.
ولم تكن تركيا بمنأى عن الأحداث. بل عبرت عن «قلقها» إزاء التظاهرات المتواصلة في إيران منذ بدء التظاهرة، محذرة من مغبة أي تصعيد للاضطرابات، ونشرت ذلك بشكل رسمي من خلال وزارة الخارجية في بيان لها إن «تركيا قلقة إزاء الأنباء عن أن التظاهرات في إيران، وأيضا إزاء الأضرار البشرية و التي لحقت ببعض المباني الحكومية» داعية «إلى تغليب المنطق لمنع اي تصعيد».
بهذا القلق نخلص إلى هيكل البيان التركي الذي يتوزع إلى ثلاثة أجزاء، وهي: دولة تتشارك معها الحدود وقد عانت تركيا من تدفق لاجئي سوريا وتخشى تكرار التجربة بلجوء مئات الآلاف من الإيرانيين، والجزء الثاني والأهم قلق اقتصادي على اعتبار أن إيران أكبر مزود غاز لتركيا، والجزء الثالث تحرك الكرد وهذا يهدد استقرارها.
فقد استمر قلقها من تحركات المسلحين الأكراد في شمال سوريا والتعامل مع ملف كرد تركيا، وتشتغل على كيفية الاستفادة من التطورات الجارية باتجاه الاعتراف بواقع كردي، والهوية السياسية والقومية للأكراد في المنطقة وكان ذلك قبل التطورات الأخيرة في إيران، لاسيما أن أنقرة تحرص على استقرار النظام الإيراني وخاصة بعد الانفراجة التي شهدتها العلاقات بين البلدين على خلفية التطورات بالملف السوري.