ماجدة السويِّح
استثمرت شركات التبغ قيام الحركة النسائية عام 1920 لتسويق منتجها لجمهور النساء الذي كان نادراً حينذاك، استهدفت الشركات المرأة من خلال الإعلان وعرض صور لنساء جميلات ومستقلات يدخن، لجذب تلك الشريحة من النساء المؤمنات بحقوق المرأة، فبدأت الشركات لعرض صور النساء البارزات في المجتمع، وتقديمهن كنموذج للمرأة العصرية والمستقلة، بالطبع شركات الدخان استهدفت الرجال عبر صورة المرأة الفاتنة والممشوقة القوام، فلم تكن المرأة هي الهدف الوحيد لزيادة المبيعات، وبالفعل حققت مرادها وحققت أرباحاً كبرى.
في الوقت الحاضر استثمرت الشركات والمؤسسات الأوضاع الحالية في السعودية بعد ارتفاع أسعار الوقود واحتساب القيمة المُضافة على السلع، لتسوّق عن خدماتها ومنتجاتها عبر تحمّل قيمة القيمة المُضافة 5 %.
عبر «Newsjacking» وهو مصطلح عصري إعلامي يتم تداوله في الشبكات الاجتماعية، ويشير لاسم الممارسة والاستثمار في الأحداث والأخبار والفعاليات، للترويج والإعلان عن المنتج أو الخدمة التجارية، استثمرت الشركات في بناء صورة ذهنية إيجابية في ذهن العميل والجمهور، الذي يراقب مبادرة التجار وأصحاب المحلات في تحمل نسبة القيمة المُضافة بدلاً عنه.
على تويتر وفي وسم #خلي_الضريبة_علينا ضرب التجار والناشطون أروع الأمثلة في التفاعل والتجاوب الإيجابي مع الأوضاع الاقتصادية في تحمل قيمة القيمة المُضافة، وبادر الهوامير من أصحاب الحسابات المليونية بالتكفل بالإعلان مجاناً للمبادرين تشجيعاً، واحتفاءً بالمبادرة الكريمة .
تتواصل القائمة في النمو والمسارعة من قبل المتاجر، ومقدِّمي الخدمات للتسويق عن نشاطها وحفظ مكان لها في ذاكرة الجماهير، التي بالطبع ستتذكّر تلك المتاجر التي ضحت بـ5 % مساهمة منها في التخفيف على المشتري بعد احتساب القيمة المُضافة.
القائمة ما زالت تتعطّش لأسماء كبرى غابت عن المشهد رغم أرباحهم الفلكية، فالمبادرون ما زالوا ضمن فئة الشركات والمؤسسات الصغرى والمتوسطة .
التفاعل الإعلامي عبر شبكات التواصل الاجتماعي حول ارتفاع الأسعار والتبعات بعد تطبيق القيمة المُضافة اتخذ عدة أوجه، حيث عمد البعض إلى اتخاذ موقف حازم، وتقديم النصائح العملية بشأن تحصيل الهللات وعدم السكوت على التلاعب الحاصل من بعض المحلات في احتساب هللات العميل ضمن حقوقها، لعدم قدرتها على توفير العملات المعدنية أو البديل الأشهر «اللبان» أو «العلك».
الوعي الاستهلاكي دعا العديد من المواطنين للبحث عن البديل الأرخص للتغلب على زيادة الأعباء المالية، والاقتصاد في استهلاك الكماليات والترشيد الأمثل لاستخدام الكهرباء والماء.
تفرد تويتر بلا منازع في تناول ومعالجة ما يشغل المواطن اليوم بعد ارتفاع أسعار الوقود واحتساب القيمة المُضافة، في غياب وشبه غياب للإعلام والصحافة الرسمية. الشأن الأبرز والقضية الكبرى التي تشغل المواطن في بداية 2018 ، للأسف لم تعكسها الصحافة الورقية والإعلام الرسمي، حيث خلت الصحف وكذلك القنوات من الهم المجتمعي السعودي، واحتلت الاهتمامات الأقل أهمية في نظر المواطن السعودي الصفحات الأولى، في حين تبوأت المعالجة الصحفية لارتفاع أسعار البنزين، وكذلك احتساب القيمة المُضافة مكاناً لا يليق بحدث هام له انعكاساته على الوضع الاقتصادي والاجتماعي على حد سواء.
عبر «Newsjacking «يفترض أن تقود الصحف والوسائل الإعلامية وتستثمر الحدث في عكس للواقع ومعالجة لهم المواطن الأول وتحقيق مكاسب مادية على أرض الواقع، عبر لفت المسؤول عن معاناة المواطن الذي بات اليوم مهدداً في تغطية تكاليف معيشته بعد ارتفاع الأسعار، وتلاعب البعض في رفع الأسعار، فرب أزمة خير من ألف تخطيط في إعادة الوهج للصحافة التي تعاني من موجة الانحسار لصالح الشبكات الاجتماعية، التي غالباً تعكس نبض الشارع الحقيقي بلا رتوش.