يقول المثل الصيني: (إذا كنت لا تعرف إلى أين تذهب فكل الطرق تؤدي إلى هناك).. إلى المجهول الذي يأخذك حيث يريد، إلى حيث تترك نفسك في مهب الريح، وإن اتجهت اتجهت معها، أو إلى عرض البحر، تتلاعب بها الأمواج، وتصل بها إلى لا شاطئ. إنه الطريق الخطأ الذي لا يصل إلى الأمان، إنه الطريق الذي لا هدف منه.. فالناس تختلف من أين تبدأ في رسم المستقبل وفي تحديد الهدف. لا يهم من أين تبدأ؛ المهم أن تكون في الاتجاه الصحيح.. وكما يقال: خير للإنسان أن يكون كالسلحفاة في الطريق الصحيح من أن يكون غزالاً في الطريق الخطأ. حقًّا عندما لا تعرف إلى أين تتجه فكل الطرق تؤدي إلى هناك؟؟
البوصلة هي التي تحدِّد إلى أين تتجه السفينة والطائرة، وخريطة جوجل توصلنا إلى هدفنا وبدقة لمن يعرف كيف يتعامل معها. لا حل إلا بالتغيير، تغيير القناعات الخاطئة التي تعشعش في عقولنا، وتهيمن على تفكيرنا، لا حل إلا بمعرفة ماذا نريد؟ وأين نتجه؟ وكيف نصل إلى هناك؟ لا حل إلا بتحويل الأحلام إلى واقع، وصياغتها في شكل هدف واضح وممكن تحقيقه، ويرتبط بزمن. النجاح مرتبط بالتخطيط، وليس بالمصادفات، مع أنها تحدث أحيانًا، لكنها قليلة، والقليل لا يحقق الهدف.
لماذا يخطط بعض الناس للفشل؟ أحقًّا يفشلون أم أنهم يفشلون في التخطيط، ولا يعرفون ماذا يريدون، وإن عرفوا لا يعرفون كيف يحققون ماذا يريدون؟ على (قد بساطك مد رجليك).. اعرف نفسك، واعرف قدراتك، وحدد طموحك، ولا توهم نفسك، ولا تضعها غير موضعها، ولا تستمع إلا لمن يناديك من داخلك. رأيتُ أناسًا أهدافهم كبيرة، وصعب تحقيقها، وطموحاتهم تتعدى السحاب، والنتيجة (مكانك رواح وإحباط). أكيد من الأفضل أن تخطط لهدف أعلى من وضعك الحالي، ولكن بمقياس المستقبل، وليس بمقياس مَن حققوه.
حينما سُئل رئيس شركة جنرال موتورز (تشارلي كيترنج) لماذا يخطط للمستقبل؟ فأجاب (لأني سأقضي بقية حياتي فيه). ما أجمل أن يقطف الإنسان ثمار نجاح خطته، وينعم براحة البال، ويستقر في حديقة نفسه التي عرف حدودها وأهدافها. وما أصعب أن يصاب الإنسان بخيبة أمل وعدم رضا وتقلبات في حياته حين يفقد البوصلة التي يملكها، والتي تحتاج إلى إعادة تأهيل وشفافية وواقعية. هناك إحصائية تقول: إن 80 % مما نقوم به من العمل المثمر إنما ينتج حقيقة من 20 % من الوقت المصروف. بمعنى أننا إذا أردنا أن ننجز عملاً يستغرق 10 دقائق نصرف في إنجازه ساعة كاملة!! وذلك نتيجة لسوء التخطيط. أقتبس من أقوال الدكتور المرحوم - بإذن الله - غازي القصيبي: (التغيير قانون الطبيعة الوحيد الذي لا يتغير). والجميل أن يغيِّر الإنسان أهدافه التي تكسر رقبته، ويسعى إلى تحقيق الهدف الذي ينظر إليه دون ألم الرقبة.
وختامًا، قراءة المستقبل، المستقبل الشخصي، وصياغة الهدف أو الأهداف التي تتماشي مع القدرات بأشكالها وألوانها كافة، طريق يصل إلى نهاية مُرضية، نهاية سعيدة، تحوِّل حياة الإنسان إلى حديقة جميلة، حديقة مزهرة، رائحتها تعطِّر من حولها.. فكن إيجابيًّا مع من ساعدوك ووقفوا معك في تحقيق هدفك.