«الجزيرة» - أحمد المغلوث:
في العقود الأخيرة بدأت ظاهرة جديدة تتسلل بخفة ووداعة وحتى بسرية في مجتمعنا السعودي، بل الخليجي وقبل ذلك العالم العربي الذي كان الأسبق في تبني هذه الظاهرة إلا وهي الزواج من غير الجنسية التي ينتمي إليها سواء أكان هذا الزوج أو الزوجة عربيًا أو أجنبيًا المهم أن الزواج قد تم. وأذكر وخلال عودتي مع أم عبدالله من أمريكا قبل سنوات لحضور حفل تخرج أحد الأبناء إن كانت تجلس بجوارها في المقعد الأمامي شابة خليجية برفقتها طفلها الصغير الذي ينام في سريره الخاص ولم يمض على ولادته في أمريكا وطن زوجها إلا شهور وأحضرته معها لزيارة عائلتها في بلدها الخليجي الشهير ليراه والديها. ولتقضي فترة بينهم وتعود مجددًا إلى أمريكا حيث يقيم زوجها الأمريكي المسلم. الذي تعرفت عليه خلال دراستها الجامعية. ويبدو أن الحب بمعناه البسيط أو الكبير قد لعب لعبته بين قلبي الفتى والفتاة رغم اختلاف جنسيتهما وحتى دياناتهما ولكن استطاعت الفتاة أن تؤثر في الفتى زميلها في الجامعة وأن تهديه إلى الإسلام كشرط على الاقتران به. وهذا ما حصل كما أخبرت أم عبدالله. ولقد واجهت الفتاة ولنسميها (ميم) بعض الصعوبات في البداية من قبل أسرتها، بل حتى قبيلتها التي تنتمي إليها لكن ما قدره الله حصل. وتم الزواج. وظاهرة الزواج من غير جنسية الزوج أو الزوجة وكما أشرت سابقًا ظاهرة باتت تتنامى يومًا بعد يوم ليس بين المواطن الخليجي والعربي ولكن بين الخليجي والعربي، بل حتى غير المسلمين.. وقبل سنوات نشرت مجلة فرنسية شهيرة هي (أل) تحقيقًا موسعًا عن ظاهرة زواج العرب من شمال إفريقيا بشكل خاص ودول عربية أخرى من الفتيات الفرنسيات والأوروبيات وخلال بحثها وتحقيقها اكتشفت أن وراء ذلك هو «الحب» أو عودة قصة حب من جديد. ولقد قامت السينما الأوروبية والفرنسية بصورة خاصة بإنتاج أفلام تدور حول العلاقة ما بين الشباب العربي والفتيات الفرنسيات والأوروبيات وبشكل عام والعكس صحيح جسدت فيه ومن خلال قصص واقعية تأثير العواطف والمشاعر بين جيل معاصر. وتطالعنا دائمًا المجلات والصحف العربية عن حكايات وقصص عن ارتباط الفتيات العربيات من أجانب وبالعكس. بل إن مواقع الزواج التي انتشرت في السنوات الأخيرة في «الإعلام الحديث» تنشر صور فتيات وشباب يبحثون عن الزواج ليس من وطنهم بل حتى من الخارج. الأمر الذي يطرح تساؤلاً كبيرًا ومهمًا لماذا هذه الرغبة في الزواج من جنسية غير الجنسية اوطنية.. ولسنا هنا في مجال شرح الأسباب والبواعث فهذا مجال رجال الاجتماع وعلماء النفس والمتخصصين في الحياة الأسرية. فالاختيار هنا يعود للحرية الشخصية. ومع هذا حرصت عديد من الدول الخليجية والعربية والإسلامية وحتى الأجنبية من وجود شروط معينة يجب توفرها لمن يريد الزواج من غير جنسيته.. سواء أكان رجلاً أم امرأة.. لكن الأهم أن يعيش الأبناء في حضن أسرة مسلمة هي الأحرص على تنشئة أبنائها وبناتها على تقوى الله التي تجعلهم على علم بحدود الله تبارك وتعالى..؟!