سلطان المهوس
في المجال الرياضي يمكن تحديد أهم خطر يحدق بعدالة ونزاهة ومسار المنافسات والعمل الرياضي المتمثل بوجود الفاسدين ماليًّا, استعراض نفوذ، خاصة بعد أن كشف الفيفا الأوراق على السطح منذ سقوط الأمريكي «تشاك بليزر» المخبر الرئيسي الذي لجأ إليه مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي «إف بي آي» لكشف خفايا المخالفات المالية في الاتحاد الدولي، التي أطاحت برؤوس كبيرة، أبرزها الرئيس السابق للفيفا السويسري جوزيف بلاتر (توفي بليزر شهر يوليو 2017).
في كونغرس الفيفا الذي أُقيم بالبحرين «مايو 2017» ارتجل السويسري جياني انفانتينيو كلمة، جاء فيها «من لم ينجح باختبارات النزاهة سنطرده على الفور. وأقول لكل من يسعى لمصالحه عن طريق مناصبه الكروية لن تكون بيننا؛ لا نريدك»..!!
الآن حان وقت التركيز على إغلاق كل منافذ الفاسدين آسيويًّا ودوليًّا، وضمان عدم عودتهم أو أمثالهم للمشهد من جديد بعد أن انطلقت حملة «التنظيف». وسأبدأ من القارة الآسيوية حيث الاتحاد الآسيوي لكرة القدم..
الدستور الآسيوي «النظام الأساسي» يسمح لأي رئيس أو عضو تنفيذي بمنظمة رياضية أخرى خارج كرة القدم بالدخول للانتخابات الآسيوية. وهذا الأمر من شأنه أن يدخل الآسيوي بجحيم «المصالح والمنافع المشتركة»؛ إذ أرى أنه ليس مقبولاً أن يأتي رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي - مثلاً - لينافس على مقعد تنفيذي بالآسيوي؛ ليجمع المنصبين دون أن يقدم استقالته أولاً من منصبه بالمنظمة الأخرى التي مكنته من الوصول إلى أعلى من منافسيه بفعل المصالح والتقاطعات والمنافع، فضلاً عن أنه سيكون خطرًا على كل القرارات بسبب نفوذه. وعلى الآسيوي سد الطريق ليكون مستقلاً تمامًا بعيدًا عن «مدمني المناصب والنفوذ»..!!
هل يمكن قبول فكرة ترشح رئيس اللجنة الأولمبية الدولية ليكون رئيسًا للفيفا..؟؟!!
الدستور الآسيوي يتيح لكل أعضاء الاتحادات «47 اتحادًا» التصويت لاختيار أعضاء المكتب التنفيذي «24 عضوًا»؛ ما يشكل تكتلات «فاسدة» وغير مجدية، ويسهل «الترتيب» لتوجيه «غالبيتها» بفعل «النفوذ أو الفساد المالي»؛ ولذلك فإن الإجراء الصحيح هو محاكاة تجربة الفيفا؛ إذ يصل العضو لمجلس الفيفا بانتخاب قارته «اتحاده القاري» وليس بانتخاب الجمعية العمومية للفيفا «211 اتحادًا»؛ وعليه أتمنى أن يقرر «الآسيوي» أن يكون وصول العضو التنفيذي الآسيوي عن طريق تصويت اتحاده الجزئي بالقارة «يوجد بقارة آسيا خمسة اتحادات هي الغرب والشرق والآسيان والجنوب والوسط» وفق المقاعد المخصصة لكل اتحاد، فيما يكون انتخاب الرئيس كما الفيفا مما سيسهل تمامًا تشتيت ألاعيب الفاسدين، ويجعل المنافسة محدودة بدلاً من شراء أصوات الاتحادات الفقيرة لضمان وصول «فلان وعلان». وأجزم أن القارة سترتاح تمامًا، وسيزول قلق الفساد بشكل كبير جدًّا، ولن ينعم أي متنفذ مستقبلاً بهامش تحرك واسع لتحقيق ألاعيبه..!!
توزيع القرار وفقًا لمكونات «الجغرافيا»، ورفض «ازدواجية» المناصب التنافعية، سيعطيان للاتحادات الجزئية «الزونات» قوة وحضورًا، وستضمن «القارة» عدم وجود «متنفذ» يستطيع «إذلالها» من أجل مصالحه.
على أرض الواقع فعل الشيخ سلمان آل خليفة كل ما يستطيع لسد الفساد والتلاعب؛ فوقّع مع كبرى المنظمات الرقابية، ووضع دستورًا خاصًّا لمعايير النزاهة، وفتح إدارة وقسمًا للنزاهة، وميثاق شرف للانتخابات..
لا يمكن القضاء على الفساد الرياضي تمامًا أيًّا كان شكله، لكن من الممكن محاصرته وإبطال مفعوله لأدنى درجة ممكنة؛ فالشياطين لا تيأس..!!