د.ثريا العريض
في ضوء المستجدات عالميًا وفي الجوار الخليجي والإقليمي، بأي خطوات نبدأ لنحقق الاستقرار والأمن في الخليج ككل؟
هناك جبهات متعددة للأمن والاستقرار. عسكريًا يتطلب الأمن الاستعداد المسبق للدفاع. وقد بدأ ذلك فعلاً في بعض الدول الخليجية كالإمارات بفرض الخدمة الوطنية والتدريب العسكري. كما بدأ تكوين قوة دفاع مشتركة فعالة جويًا وأرضيًا وبحريًا لحماية أي دولة عضو تتعرض للعدوان أو حتى التهديد. وآخر ما استجد على هذه الجبهة إنشاء قوة بحرية مشتركة للعمل في كل الخليج لمواجهة خطر الأطماع في الجوار، وحماية المنافذ والجزر والشواطئ، ويمكن أن تشمل أيضًا مسؤوليات حرس الحدود بصورة متكاملة لحماية المنشآت البحرية الخدمية كتحلية المياه وتصدير المنتجات وصيانة السفن.
ويظل أهم مقومات ترسيخ الأمن والاستقرار المجتمعي رضا المواطن وأجواء التعايش وتوافر فرص العمل والدخل لتحقيق مستوى عيش كريم.
وفي ضوء مستجدات الواقع الراهن نحتاج على جبهة التنمية الاجتماعية أن تطور أجهزة وخدمات مؤسسات التدريب المهني العملي والتخصصي للتدريب والتمكين، وتفتح فروع لتقديم خدماتها في المناطق المتعددة في الدول الأعضاء بعد أن يرخص لها رسميًا بمعايير مهنية دولية معترف بها في الدول المتقدمة صناعيًا. وفي جبهة التوجيه القيمي: نحتاج أن يشدد على ثقافة الانضباط والالتزام بالقوانين وتطبيق عقوبات تجاوزها على الجميع، وبقوى جهاز الأمن والمرور. ولحماية النشء والمجتمع العام تسن قوانين تنظيمية وإجراءات موحدة يلتزم بها في التقييم والتصريح والتعيين لكل العاملين في مجالات التوعية والتثقيف والتدريب، بما في ذلك المدرسون والأئمة. ويجرم كل فعل أو قول يحض على الطائفية وجرائم الكراهية والعنف ضد الآخر ودعم الحركات الإرهابية وتمويلها. وفي جبهة الخدمات الصحية: يفرض نظام تأمين صحي شامل لكل مواطن ومقيم، يسري عبر الدول ليؤمن للمراجع الحصول على الخدمات الصحية والدواء أينما كان. ويكون لكل مواطن ملف وسجل معلومات صحية منذ الولادة، متاح الوصول إليه إلكترونيًا في كل المستشفيات. وعلى جبهة التعليم العام والمهني والتخصصي، يفرض التعليم إجباريًا حتى إكمال المرحلة الإعدادية، ويوضع منهج جديد للتدريب المهني والحرفي والصحي، ومهارات التشغيل والصيانة بما يتماشى مع الواقع التقني القائم والمحدث. وفي الجانب التثقيفي يتخير له ما يعم مناهج التعليم العام بالدول الأعضاء ويدعم الثقافة العامة عن التاريخ الإقليمي، وحضارة العالم، وحماية البيئة. ويشمل مهارات القيادة والتواصل والحوار الحضاري، وتعلم لغات حيوية شرقية وغربية، والتعامل مع الأجهزة الذكية، والحصول على المعلومات من المصادر التقنية الموثوقة.
وفي جبهة البحوث العلمية والتنموية: تنشأ مراكز لأبحاث الطاقة، وإعادة تدوير المواد والنفايات، ومتابعة الفيروسات المستجدة والأمراض الوراثية والأوبئة. وكذلك مراكز للإحصاء والتعداد، ومراصد لتوجهات الرأي العام، ومؤشرات قياس حالة الرضا المادي والمعنوي، الفردي والفئوي والمناطقي.
كل هذا سيدفع نحو تحقيق الشعور بالرضا ويرسخ الاستقرار والأمن.