يوسف المحيميد
في جميع دول العالم يوجد نسبة من البطالة بين مواطنيها، وتختلف هذه النسبة من دولة إلى أخرى، تبعًا لمستواها الاقتصادي، وظروفها، وإدارتها، وغير ذلك، ولا يوجد دولة ليس بها عاطلون، أي بلا عمل نهائيًّا، ويرتبط الأمر غالبًا بحكومات هذه الدول، وأحيانًا بمواطنيها، ومدى استعدادهم وحرصهم على بناء مستقبلهم، لأن ليس كل عاطل هو إنسان لم تتوفر له فرصة عمل، وإنما هناك من يضع شروطاً للوظيفة التي سيلتحق بها، إما تحديد المدينة أو الدخل السنوي منها، وهذا أمر غير عادل عند تصنيفه عاطلاً عن العمل، وقد واتته الفرص مرارًا، مرة تلو أخرى.
نحن لا نخجل ولا نتردد في القول بأن لدينا نسبة بطالة، قد تنخفض وقد تزيد تبعًا للظروف الاقتصادية، وإلى وقت قريب، تبعًا لدخلنا من البترول الذي يزيد وينقص وفقاً للأسعار وتقلبات السوق، ولهذا السبب يزداد الإنفاق الحكومي أو ينخفض، ومن ثم تتوفر الوظائف أو تشح، خاصة أننا ظللنا لعقود من الزمن لا نعرف غير الحكومة موفرًا للوظائف، وهذا خطأ بدأنا بتجاوزه، بدعم القطاع الخاص ومنحه العديد من الحزم التحفيزية، التي تجعله شريكاً للدولة وداعمًا، وليس منافسًا لها.
وأيضًا لا نخجل بأننا ارتكبنا العديد من الأخطاء في الإدارة والتخطيط للمستقبل، بل نعترف بذلك كي نعمل على تجاوزه، وندرك جيدًا أن الفساد المالي والإداري نخر في أساساتنا لعقود من الزمن، لكننا في الوقت ذاته نفخر بأننا نعترف بذلك وبشجاعة، ولا نتوقف عند مجرد الاعتراف، بل نعمل على تقليم أظفار الفساد بكل قوة وشجاعة، ومع الجميع على حد سواء، دون تمييز بين وجيه ومغمور، بين أمير وفقير، وهذه السياسة التي رسخها الملك سلمان ويعمل على أساسها.
لذلك، علينا كمواطنين، عاملين أو عاطلين عن العمل، أن ندرك جيدًا أن هناك من يخطط لهذه البلاد، ويتربص بها، ويتسلّل إلينا من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها، مستغلاً الخلل لدينا، سواء البطالة أو غيرها، ليدير المكيدة تلو الأخرى، وهناك من أبنائنا وبناتنا من يسير خلف ذلك بحسن نية، ويؤججه بلا وعي ولا دراية بما يحيط بنا، مع يقيني الكامل بحق كل مواطن بالمطالبة بحقوقه بعد أن يفي بواجباته نحو وطنه، لكن الأمور - بما فيها البطالة - تُدار بوعي وخطط مستقبلية، من خلال إصلاحات اقتصادية شاملة.