خالد بن حمد المالك
بعض المواطنين لا يتحدثون عن المملكة إلا عن جوانب النقص فيها، أغلب أحاديثهم تصنَّف على أنها نقد وملاحظات لمستوى الخدمات، وعن عيوب بحسب تقديراتهم على ما هو منفَّذ ومنجَز منها، أي أن الكلام (وبعضه يجر بعضاً) لا يخرج عن دائرة عدم الرضا عن مستوى المشروعات والبرامج والخطط والأعمال التي يتم تنفيذها.
* *
هناك جوانب أخرى جميلة لا يتحدث هؤلاء عنها، وإنجازات هائلة يتجنبون أي إشارة إليها، وتطورات إيجابية متلاحقة يحاولون أن يتجاهلوها ويغيبوها، ولا يشيرون إليها من قريب أو بعيد، مع أن الإنصاف يقتضي من الجميع أن يتحدثوا عنها، ويلقوا الضوء عليها، كما يفعلون وكما هو موقفهم من السلبيات.
* *
هذه الصورة غير المريحة في تصويرها لشكل إنجازات المملكة لا تبدو واقعية أبداً، فلا أحد يدعي أو يزعم أن كل ما يتم إنجازه أو تخطيطه هو (عال العال!) ولكنه في المقابل ليس كله بهذه الصورة السيئة التي يروِّج لها البعض منا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر المنتديات ووسائل الإعلام الأخرى، فالمملكة ليست في هذا استثناء بين دول العالم، فجميع الدول فيها ما يستوجب النقد، ولكنها لا تتعرض غالباً بمثل ما تواجهه المملكة.
* *
نعم تحتاج بلادنا إلى أصوات عالية تحدد الخطأ وتنتقده وتذكّر المسؤولين به، وإلى أقلام حرة تغمس حبرها في مواجع الجسم المريض، وتقترح أفكاراً تساعد على صحته وعافيته، لكنها وكما تفعل ذلك عليها أن تتحدث عن كل ما هو جميل، عن كل عمل أُنجز كما نتمنى، وعن كل خطوة محسوبة على أنها باتجاه الطريق الطويل الصحيح نحو الغد الأفضل.
* *
الوطن بنا، بسواعدنا، بتعاوننا، بشعور كل واحد منا بمسؤوليته في البناء والتحديث، يمكن أن يتغير نحو الأحسن، ثقافياً واقتصادياً وأمنياً وتعليمياً وصحياً، وفي كل مجال نحتاجه في حياتنا، فهو ظلنا، وخيمتنا، وسكننا، ومستقبلنا، ومن كان ذا نظرة أخرى مخالفة، فهو مسكون بثقافة تحتاج منه إلى إعادة النظر فيها، وإلى عملية مراجعة حقيقية للموقف غير السوي من وطنه.
* *
هذه خاطرة، استحضرت أفكارها، من المتابعة لبعض ما يُقال، أو يُكتب، أو يتم التحدث فيه من هموم، أو مواقف، ذات ارتباط، أو صلة، أو علاقة، بهذه المرحلة التي تمر بها المملكة، وقد صاحبها الكثير من المتغيرات، وردود الفعل، وبخاصة حين تم فتح المجال للمرأة لتقود سيارتها، وتحضر المباريات الرياضية، وتعمل بالقطاع الخاص، والسماح بإنشاء صالات للسينما، وإحياء بعض الليالي للطرب والغناء، ضمن الترفيه الذي دخل أجواء المملكة بقوة.
* *
هناك اهتمام موازٍ لذلك، اهتمام بالصناعة والاقتصاد وتنويع الموارد المالية، وجعل القوات المسلحة في أعلى مستويات الجاهزية والمقدرة لحماية حدود المملكة، وتطوير القطاع الأمني لحفظ أمن الداخل، وإعطاء التعليم والصحة والخدمات البلدية وغيرها حصة كبيرة من ميزانية الدولة ليكون المواطن في وضع أفضل ضمن تطوير وتحسين الخدمات التي تقدم له عاماً بعد آخر، رغم انخفاض أسعار النفط، والانكماش الاقتصادي على مستوى العالم.
* *
هنا أتوقف، لأسأل: من هذا المواطن الذي يريد أن يؤذي وطنه، من يكون من لا يرى في بلاده إلا الوجه غير المريح، وينظر إليها على أنه في موقف من لا يعنيه أن يساء إليها، أو أن تشوّه صورتها الجميلة، وما تفسير أن ينكر مواطناً أي إنجاز حققته بلاده، أسأل وأترك الإجابة لمن يقرأ هذه السطور.