تلقينا نبأ وفاة أخينا وحبيبنا وقائدنا الملهم الأستاذ محمد بن حمد الفيصل (أبو حمد) في مدينة تمير. وقد وقع الخبر علينا وقوع الصاعقة على الرغم من معاناته الكبيرة مع المرض والتي نسأل الله أن تكون تمحيصا وتخفيفا ورحمة.
عرفنا الأستاذ أبا حمد شابا وكنا أطفالا فكان دوما مثيرا للجدل بفضل حيويته ونشاطه وعلو همته التي كانت صفات لا ينافسه فيها إلا القليل.
عاش يتيما فنازع غير الأيتام الطموح وعلو الهمة وفقد يده فتغلب على مكتملي الأعضاء. ما قصر به عجز جسده عن بلوغ همته، ولا ثنته ظروف اليتم والقلة عن بلوغ أهدافه بل استمد القوة من ضعفه وراح ينشد الكمال (والكمال لله) من نقصه. لله درك من بطل وقائد يعد من المبدعين في كل مجال.. عرفناه راميا بارعا وقناصا حاذقا لا تفوته شاردة وقائد سيارة يقوم بما يعجز عنه الآخرون، ودليلاً خرّيتا عارفا بخفايا وعلامات الصحراء لا يشق له غبار،
وعرفناه مديرا للمدرسة المتوسطة والثانوية فكان نعم الأب لنا كطلاب وخير موجه لنا ونحن زملاء، صبر معنا بل صبر علينا ووجدنا منه نصحا وتوجيها كان لهما الأثر الكبير في حياتنا.
كان قوي الشخصية مؤثرا فيمن حوله، اتصف بالشجاعة وبعد النظر وقوة العزيمة، وعرفناه رئيسا لنادي المجزل فكان شعلة من النشاط والحيوية ذو عزيمة لا تنثني وهمة لا تعرف الخمول. كان جادا في عمله وحريصا على الجد بحيث يخيل إليك أنه قائد حرب ويحتوي هذا القلب الصلب على مشاعر جياشة وعواطف لينة إذا استدعى الموقف تجعلك تشعر أنه طفل في ثوب رجل، وإن أنس فلن أنسى موقفين من المواقف المؤثرة اللذين عشتهما معه، أولهما حينما توفي والدي (خاله) فوالله ما رأيت أصدق من دموعه ولا أبلغ من مشاعره فنسيت أبي وحنوت عليه فقال (إنك لا تعرف مقدار حبه لأمي)
فأطرقت وفي الحلق غصة. والثاني عندما مرت بي وعكة صحية ومنعت الزيارة فصار يهاتفني ويبكي ثم يغلق السماعة، وذات يوم اتصلت عليه صباحا وقلت له أريد تمرا ولم أجد من يحضره لي (خراف) وأنا أعرف أنه يملكه فقال سأضعه عند الباب وأغادر فقلت لا بأس وعندما وضعه وجدني عنده فبكى حتى أشفقت عليه، وكان يتحمل عنادي ومزاحي مما لا يطاق.
كان رحمه الله عطوفا حنونا يكلفني في بعض المرات بتوزيع التمر على المحتاجين ولا يقصر في بذل المعروف مما وقفت عليه بنفسي.
اللهم اغفر ذنبه واستر عيبه وجازه بالحسنات إحسانا وبالسيئات عفواً وصفحاً وغفراناً وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله أجر أهله في مصيبته وأعنهم على ذلك.. اللهم ألحقه ببعضه في الجنة يا أرحم الراحمين.
** **
عبدالله عبدالعزيز المناع - تمير