د. خيرية السقاف
يثرثرون كثيراً لا يغرّدون..
يرهقون الشاشات, والنظر, والأسماع..
يهرفون كثيراً بما ليس في علمهم..
يحشرون أنوفهم في أي طبق, وأي كوب, وإناء..
يمدون أيديهم لما يعترضهم, وما لا يفعل..
طفيليون, ومتطفلون في كل شيء ..
كأنهم يعلمون ولا يعلمون,
وكأنهم ذكيون!!..
لا تعد تميز لهم ذائقة, أو تقنن لديهم معرفة..
ليسوا قوم الجاحظ يأخذون من كل علم بطرف, عن فهم وإدراك..
بل قوم ريح تحملهم في معية كل حركة دون أن تدعهم يستوعبون فيُلهمون!!..
أصابوا الناس بالصداع..
عكروا فضاءات تأملهم ..
خلطوا عليهم معلوماتهم..
دسوا «سُمًّا في عسل» تلقائيتهم..
ظهروا مصادر لخبر, ومراجع لمعلومة, وهم في الحقيقة يتخطفون أخبارهم من أي فم,
فمراجعهم وهمٌ عن سجف غيب!!..
وابتسار عن جُمَلٍ ناقصة!!..
وصدى عن أصوات باهتة!!..
أتغلق الناس منافذها لتحمي فطرة نقائها..؟
أو تسد سُبل مفاتيحها لتحفظ وقتها, واهتمامها؟!..
أتعاف معارج أسماعها فتختار الصمم درءاً عن فحيح أصواتهم؟!..
بعد أن ذروا في فضاءاتهم رمادا..
بعد أن ذهبوا مع كل جنازة يلطمون, ومع كل طبول يزيدون؟!!..
لله ما أشقى إنسان الحاضر بنفسه..
لله ما أتعس قوماً بين الجنان يحرقون الأخضر..
وفي العذب يدلقون النتن..
إنه زمن الخلط..
فيه الطاحونة تدور بهم, تدرُّ للناس طحين القلق..
وتلقي بغباره على فضاءاتهم!!..