م.عبدالمحسن بن عبدالله الماضي
1- تسود هذه الأيام حالة من الهجوم على القطاع الخاص.. ويقول المهاجمون: إن القطاع السعودي الخاص لا يزال بعد أربعين سنة من التنمية مركز تكلفة لا مركز ربح للدولة والمجتمع.. فهو ما زال ينتظر الإعانات وتسهيل الاستقدام والحماية من الاستيراد والدعم في المنافسات.. ولا يجيدون سوى التنافس للحصول على أكبر حصة من مشتريات الدولة.. كما يقولون إنك لو بحثت في عمق مؤسسات القطاع الخاص لوجدتها ذات هيكلية عملية بسيطة بإدارة مركزية.. ليس لديها رؤية حقيقية ولا أهداف ولا خطط مكتوبة.. فعملهم يقوم على ردات الفعل والمواجهة اليومية لحالات العمل الطارئة.. وخططهم لا تزيد على أن تكون أفكاراً ورغبات في رأس المالك أو المدير.
2- الحقيقة أن القطاع الخاص السعودي بمكوناته التجارية والصناعية والخدماتية يعتمد بشكل شبه كلي على العمالة المستقدمة والمواد المدعومة وأسعار الطاقة الرخيصة والعقود الحكومية.. ولم يكن للقطاع الخاص يوماً دور مجتمعي ملموس ناهيك عن أن يكون مؤثراً.. لذلك تم عبر السنين تلويث كلمة «تجاري».. فالأخلاق التجارية تعني أن الغاية تبرر الوسيلة.. والجمال التجاري مساحيق المكياج.. والفن التجاري الفن الهابط.. والخدمة التجارية بمقابل.. والعقل التجاري مصلحة.. والجسد التجاري مكشوف.. والتنفيذ التجاري رديء.. وهكذا.. ولكن وبقدر ما عَلِقَ بوصف التجاري من ملوثات شوهت كل موصوفاته إلا أن هناك استثناء واحداً وهو «الشارع التجاري» فهو أغلى من الشوارع السكنية.. ولا أدري هل لأن الموصوفات الأولى هي قيم أخلاقية.. بينما الأخيرة هي قيمة مادية لها ثمن في دفاتر الآخرين لا في أعرافهم وأخلاقهم أم هناك سبب آخر؟.
3- القطاع الخاص أصبح في عالم اليوم هو المؤثر الأكبر في تحول المجتمعات صعوداً أو هبوطاً.. وفي مرحلة التحول التي تعيشها بلادنا من الخطر أن يتعرض هذا القطاع للتشويه والتأليب وتلويث السمعة.. فالمنتظر منه في هذه المرحلة يفوق كثيراً ما مضى.. وهذا لن يتحقق دون أن يتحرك قادة القطاع الخاص من رجال الأعمال.. ويؤدوا دورهم المرتقب في أن يكونوا أدوات تنمية لا استهلاك.. ومراكز ربح للدولة لا مركز تكلفة.