د. محمد عبدالله العوين
أحدثت الأوامر الملكية الكريمة التي صدرت ليلة السبت 19 ربيع الثاني 1439هـ ارتياحا كبيرا في نفوس المواطنين الذين حظوا بالدعم ورأوا فيها عونا لهم على مواجهة غلاء المعيشة وارتفاع تكاليف خدمات الطاقة وضريبة القيمة المضافة مع ما يقدمه حساب المواطن من مبالغ لمواجهة هذه الأعباء.
أتت الأوامر الملكية الكريمة لترفع القيادة بمشاعر أبوية حانية من مستوى ما يقدمه حساب المواطن من مبالغ متواضعة لا تستطيع مواجهة عشر ما أحدثته التغييرات الجديدة في تكاليف الخدمات وضريبة القيمة المضافة، وقد وضع برنامج «حساب المواطن» في خطته مراجعة ما يقدمه وفق قراءته المتغيرات في الأسعار وما يستشفه من ردود فعل المواطنين المستفيدين من الصندوق، وهو ما تبين جليا في النقد الموجه للحساب في وسائط التواصل الاجتماعي على الأخص، ومما سيحمد للقائمين على هذا المشروع الوطني الخير عودتهم إلى تقييم ما أثير من آراء حوله والإفادة منها لتطوير خدماته والارتفاع بعطائه كي يحقق الحساب الجدوى التي توختها القيادة الكريمة من تأسيسه كفكرة جديدة وغير مسبوقة على مستوى العالم للحفاظ على توازن الأسرة السعودية في مرحلة التحول الوطني التي ستمتد إلى 2020م.
لقد شملت الأوامر الملكية المواطنين كافة على اختلاف أعمالهم وأعمارهم وفئاتهم، الموظف المدني والعسكري والمتقاعد والمشمول بالتأمينات وبالضمان الاجتماعي، والطالب، وتحملت الدولة تكاليف الضريبة المضافة عن الملتحقين بالتعليم الخاص وعن المستفيدين من العلاج في المستشفيات الخاصة، ونال المجاهدون من أبطالنا الذين يفدون العقيدة والوطن بأرواحهم كرم خادم الحرمين الشريفين فأهدى لكل مجاهد على الحد الجنوبي خمسة آلاف ريال.
وكنت أتمنى أن يشمل كرم القيادة - وفقها الله - فئة العاطلين الذين هم أحوج من غيرهم إلى الدعم، وحتى لو كانوا يستفيدون من حساب المواطن أو غيره فإن ذلك لن يقف أمام وحش الغلاء والتكاليف الباهظة للخدمات المختلفة.
أما المتقاعدون فقد كسبوا نصف ما كسبه إخوانهم الموظفون في قطاعات الدولة المختلفة فنالوا خمسمائة ريال على رواتبهم مدة عام بينما حظي الموظفون بألف ريال، وفي نفوسهم تساؤل لم ينطقوه؛ ولكنه يقول: نحن حصان سبق نكد ونعمل ونلهث في سباق الحياة العملية لنحقق الفوز بأفضل المراتب وأعلى التقديرات حتى إذا وصلنا إلى نهاية مشوار الوظيفة قيل لنا شكرا لكم مع السلامة لقد انتهت صلاحيتكم، ثم اختفت مميزات ومكاسب الوظيفة وتساقطت البدلات جميعها وبقي الراتب ضعيفا شاحبا عاريا في الهواء لا يستتر إلا بورقة التوت، وكأن أحدنا يعود من جديد إلى مرتب سنة أولى وظيفة، وفينا العسكري والأكاديمي وغيرهما.
إن هؤلاء المتقاعدين الذين كدوا واجتهدوا لخدمة وطنهم يستحقون أن يكونوا مثل إخوانهم ممن لازالوا في وظائفهم الحكومية، فالمتقاعد لا زال كما كان ينفق ويقود سيارته ويصرف ويسدد تكاليف الخدمات ويدفع ضريبة القيمة المضافة ويسهم في خدمة وطنه بما يقدمه بعد التقاعد في اهتماماته العملية الجديدة.
المتقاعد ليس نصف إنسان، والعطاء لا يتوقف ما دام في العروق دم ينبض.