فضل بن سعد البوعينين
انشغلت حكومة قطر بحملاتها الإعلامية المنفلتة، عن معالجة أزمتها الحقيقية مع الدول الداعية لمحاربة الإرهاب؛ فعوضا عن البحث في ملف الخلاف الرئيس المرتبط بدعم وتمويل الإرهاب، للوصول إلى تسوية نهائية تضمن لها رفع المقاطعة؛ وتسهم في عودتها إلى الصف الخليجي؛ وتحفظ بها مقدراتها الاقتصادية وثروات شعبها؛ سعت جاهدة لتبرير فضائحها التآمرية؛ والتغطية عليها؛ وتسويق مظلوميتها الكاذبة للمجتمعين العربي والدولي. لم تستوعب حكومة قطر قدرة الدول الأربع على مواجهتها بأسلحتها التي استخدمتها خلال العقدين الماضين؛ ما تسبب في ارتكابها أخطاء فادحة تسببت في كشفها أمام المجتمع الدولي والرأي العام العربي.
تسبب ضعف المنظومة الإعلامية القطرية في المواجهة وخسارتها الحرب الدعائية؛ وانكشافها أمام العالم؛ في البحث عن بدائل قانونية علَّها تسهم في تخفيف الضغط ووقف الهجوم الكاسح الذي قاده بكفاءة سعوديون غيورون على قيادتهم ووطنهم وشعبهم. لم استغرب مطالبة رئيس لجنة حقوق الإنسان القطرية بمحاكمة دولية للمستشار بالديوان الملكي والمشرف على مركز الدراسات والشؤون الإعلامية سعود القحطاني؛ بتهمة التحريض وبث خطاب الكراهية والعنف ضد قطر. فالدولة التي استمرأت قناتها «الجزيرة» الهجوم على الدول والزعماء منذ العام 1995؛ وأسهمت بشكل فاضح في بث الكراهية ودعم الإرهاب وتهييج الشعوب وإثارتهم للخروج على الحكومات؛ والمشاركة الفاعلة في تدمير سوريا وليبيا واليمن؛ وإحداث الفوضى في مصر؛ ضاقت ذرعا بالغيورين المنافحين عن وطنهم؛ وأنكرت عليهم دفاعهم؛ فقررت مقاضاتهم بتهمة الدفاع عن حقوقهم ووطنهم المستهدف من قبل مرتزقة الإعلام القطري؛ وخلاياه الإرهابية. ترى من الأولى بالمقاضاة؛ حكومة قطر الداعمة للإرهاب ومنظومتها الإعلامية المعتدية؛ أم المدافعين عن أوطانهم في مواجهة البغي والفساد؟. لم تدرك الحكومة القطرية بعد التحولات الدولية؛ وانكشاف موقفها؛ وخسارتها للغطاء الاستخباراتي الذي استمدته من حكومة أوباما في المنطقة؛ ولم تحسب لغضبة المملكة والدول المتضررة من جرائمها خلال العشرين سنة الماضية؛ وقدراتها الخارقة في المواجهة والردع. ومثلما خسرت قطر قضية جزيرة «حوار» مع مملكة البحرين فستخسر؛ بإذن الله؛ جميع قضاياها الإعلامية والقانونية والدبلوماسية والاقتصادية؛ مع الدول الداعية لمحاربة الإرهاب؛ وستدفع الثمن غاليا وسيكون سقوطها مدويا؛ ومدمرا أيضا.
رفع القضايا القانونية؛ وتلفيق القصص الإعلامية؛ وترويج الأكاذيب جزء من إستراتيجية التغطية التي تنتهجها الحكومة القطرية في تعاملها مع الرأي العام المحلي الذي سيتفاجأ قريبا بحجم الكارثة الاقتصادية التي تسببت بها حكومته؛ عوضا عن القضايا القانونية التي ربما أطبقت على شخصيات اعتبارية؛ والقطاع المالي القطري المتهم بعمليات منظمة لغسل الأموال وتمويل الإرهاب.
معاناة الاقتصاد القطري كانت محورا لكثير من التقارير الدولية المحايدة؛ إلا أن تقرير بنك الكويت الوطني ربما كان الأهم؛ لارتباطه بدولة خليجية محايدة؛ أو ربما استخدمت الحياد للخروج من تبعات القضية. يشير التقرير إلى أن «الاقتصاد القطري مقبل على سيناريو يعتبر الأسوأ في تاريخ الدوحة، مع استمرار مقاطعة الدول الأربع وأن ميزانية قطر لعام 2018 لن تسهم في معالجته» يشير التقرير إلى حجم الدين العام الذي بلغ 120 مليار دولار أو ما يعادل 74 % من الناتج المحلي الإجمالي. حجم الاقتراض الداخلي كان من المؤشرات السلبية أيضا؛ إضافة إلى ارتفاع حجم الاقتراض من البنوك المحلية الذي بلغ 87 مليار دولار مع نهاية أكتوبر من العام الماضي؛ ما يعني تعميق مشكلة السيولة التي تعاني من نزوح الودائع وتوقف الاستثمارات الأجنبية. توقف الاستثمارات الأجنبية وانخفاض عدد القادمين إلى الدوحة من السلبيات التي أشار لها التقرير. برغم المؤشرات الاقتصادية السلبية التي تضمنها التقرير إلا أنني أعتقد أن تداعيات الديون السيادية ربما كانت الأكثر تأثيرا مستقبلا، ولن يتوقف أثرها على الحكومة الحالية، بل أي حكومة أخرى قد تأتي مستقبلا؛ ما يعني أن الضرر المستدام سيكون حاضرا لا محالة، والخاسر الأكبر هو الشعب القطري المغيب عن تداعيات الأزمة ومآلاتها المستقبلية وحجم تأثيرها على حياتهم المعيشية.