حمّاد السالمي
* أضحى الكذب والتضليل والتزوير لازمة لكثير من القنوات الفضائية والمنصات الإعلامية، خاصة في منطقتنا العربية، وفي إقليمنا المشتعل دائمًا. من يدفع أكثر يحصل على تسويغ وتزويق وتسويق وتبرير وتلميع بحجم وعدد دولاراته، ومن لا يدفع لهذه القناة أو الصحيفة والمنصة فهو تابع لأمريكا، يأتمر بأمرها، وعميل لإسرائيل، يطبّع معها، وينفّذ مخططاتها، وله علاقاته الاقتصادية والسياسية مع حكومتها.
* هذا أمر تعودنا عليه نحن العرب منذ الصغر، وعرفنا قنواته ومنصاته وأدواته، وحتى أننا حفظنا أسماء ووجوه المذيعين والمحررين العرب، الذين يميلون مع دولارات العواصم والدول والأحزاب والمنظمات التي تترزق بخطاب (الكضية)، والكل من هؤلاء يتقلب في نعيم (الضمير الميت)..! فالواحد لا يستحي أن يكون معك اليوم، ثم يتحول إلى ضدك غدًا. المبادئ التي يتحدث عنها عادة لا توجد في قاموسه. هناك قواميس ونواميس لا يعرفها إلا عرب الشمال، الذين أجادوا لعبة (الكضية الفلسطينية)، من أيام العنتريات والتهديدات برمي الإسرائيليين في البحر، ثم لحق بهم في مرحلة تالية عدد من عرب النيل شماله وجنوبه، وعرب غرب وشمالي إفريقيا. إذا أردت أن تتعرف أكثر على وجوه لمرتزقة عرب في فضاء الإعلام اليوم فتابع (قناة الجزيرة)، قائدة هذا السرب الذي يرفع شعار: (إذا لم تستح فاصنع ما شئت)، وتابع ما يسير على نهجها من قنوات توجهها إيران الصفوية في المنطقة، وتنطلق من فضاءات عربية مع الأسف، ويتكاثر حولها ذباب حزب اللات في جنوبي لبنان، وحماس والجهاد في غزة، وأنصار الشيطان في اليمن.
* هذه حالة مخزية ومحزنة حقيقة، والأكثر حزنًا منها هو تصديق بعض الشعوب العربية، وانسياق بعضهم وراء هذا التهريج الذي بلغ أوجه مع قضيتين مهمتين في المنطقة. الأولى: قرار الرئيس الأمريكي (ترامب) نقل سفارة بلاده إلى القدس. والثانية: ثورة الشعب الإيراني ضد حكومة تدعم الإرهاب والفتن في بلاد العرب من مال الشعب الإيراني.
* في القضية الأولى راحت أصابع الاتهام تتجه نحو دول ليس لها علاقات مع إسرائيل، ولا مصالح مشتركة، ولا حتى جوار جغرافي، كدول الخليج العربية، والسعودية في المقدمة، وتُتهم بأنها تُطبع مع إسرائيل..! في حين لم ير الإعلام الكذاب المضلل بقيادة الجزيرة القطرية في مشهد الاتهام المُكال ولا دولة واحدة من تلك التي لها علاقات سياسية واقتصادية ومصالح مع إسرائيل. لم ير تركيا، صاحبة السفارة، وصاحبة العلاقات التجارية والسياحية مع إسرائيل، ولم ير قطر، التي لها مكتب تمثيل، وفيها تمثيل إسرائيلي قائم، وتستثمر في بناء المستعمرات لمواطني إسرائيل..! ولم ير الفلسطينيين أنفسهم الذين يعترفون بإسرائيل، ويتباحثون معها، ويقبضون عائدات الجمارك منها، ويأكلون ويشربون ويسهرون في حانات تل أبيب..!
* أقيمت بطولة عالمية للشطرنج في الرياض قبل أسابيع عدة، فراحت الجزيرة ووسائل إعلام قطر ومَن قاطرها تردح وتقول بوجود لاعبين إسرائيليين مشاركين في هذه البطولة.. حسنًا.. قولوا لنا: من هم..؟ أين سكنوا..؟ ما أسماؤهم..؟ ثم يشاء القدر أن يظهر اسم لاعب إسرائيلي هو: (دودي سيلا) ضمن قرعة بطولة قطر المفتوحة للتنس التي افتتحها أمير قطر قبل أيام عدة..! وقبل هذا شارك رياضيون إسرائيليون في بطولة الدراجات الهوائية التي احتضنتها الدوحة في أكتوبر 2016م. جرى كل هذا على بُعد أمتار عدة من جزيرتها الكذابة التي ظلت طيلة عقدين من الزمان لا ترى من نافذة مبناها قاعدة عسكرية أمريكية بحجم قاعدة العديد في الدوحة، وهذا الحدث الرياضي التطبيعي بين قطر وإسرائيل يعيد إلى الذاكرة إعلان قطر وتأكيدها أنها لا تمانع في مشاركة إسرائيل في بطولة كأس العالم عام 2022م إذا أقيمت في الدوحة. وفوق هذا جرت خطوات تطبيعية سابقة لقطر مع إسرائيل على صُعد عدة؛ فعلى الصعيد السياسي استقبلت الدوحة مسؤولين إسرائيليين مرات عدة؛ فقد زارها شمعون بيريز سنة 1996م، وسنة 2007م، وزارتها وزيرة الخارجية الإسرائيلية آنذاك تسيبي ليفني سنة 2008م. وشهدت الدوحة كذلك زيارات لمسؤولين إسرائيليين في منتديات اقتصادية احتضنتها الدوحة، ويجري هذا مع وجود مكتب للتمثيل الاقتصادي والتجاري في الدوحة.
* ماذا يفعل مكتب التمثيل الإسرائيلي في قطر..؟ وماذا يدور بين مسؤولين إسرائيليين وقطريين يتبادلون الزيارات..؟ هل هم يناقشون وضع القدس، ويناقشون إعادة الأرض الفلسطينية المغتصبة..؟ وما هي (الكضية) التي تشغل إمارة صغيرة في الخليج مع دولة محتلة في فلسطين إلى هذه الدرجة من الحميمية..؟!
* جميع الثورات في بلدان العرب كانت نضالية وضد الحكام الطغاة إلا ثورة الشعب الإيراني؛ فهي شغب ضد الحكومة؛ فالشعب الإيراني يتلقى أوامره من الخارج ضد حكومته (الشريفة)..!
* هذا هو منطق قناة الجزيرة الكذابة، ومنطق كثير من المتحدثين من منصتها في الدوحة، وهذا هو موقف حكومة قطر، التي تبرعت بمليارَي دولار لدعم قمع الصفويين لثورة الجياع في إيران.
* إذا كان الكذابون والمزورون والمضللون لا يخجلون ولا يستحون فهل نجد من بين القطيع المطيع من الماء إلى الماء مَن يخجل من جهله، أو يستحي من حمقه وسقم فهمه..؟!
* قال العرب في زمنهم القديم: (إذا كان المتحدث مجنونًا فعلى المستمع أن يكون عاقلاً).