ناصر الصِرامي
عدد قليل ومعقول من المستخدمين والمتابعين المهتمين بولاء، يشكلون مجتمعًا متشاركًا مهما كان موقعهم الجغرافي، هو المهم في الاقتصاد الجديد للصحافة الذي يعتمد على المستخدمين بدلاً من المعلنين لتحقيق الإيرادات، ومع تبدل الإعلان وإعادة توزيعه ومنافسة الجذب وتقلص الإنفاق وتوجيهه إلى أماكن يجعل مهمة وسائل الإعلام الوصول إلى المتايعين المحتملين شخصيًا مع رسائل مخصصة لهم، لتعزيز ارتباطهم بالخدمة وبالمحتوى المقدم ومستويات التفاعل.
في البحث عن العائدات المالية، لم تعد الأعداد الكبيرة لأرقام متابعي حسابات الصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي، ومقاطع الفيديو المرتبطة يأضخم مكتبة فيديو كونية - اليوتيوب والمواقع الإلكترونية، لا يمكن الرهان عليها لتعويض خسائر المؤسسات، الصحفية والإعلامية التقليدية، مجرّد مقياس ربما يكون لكنه مضلل، هذه التطبيقات العالمية ليست ملكًا لهذه المؤسسات، هم مجرد مستخدم، ومستخدم سيء للغاية، ولا يمكن لها معرفة الأبسط، مثل أعمار أو جنس المتابعين لها، ولا بمكن استغلالها بشكل تجاري، لأنهم ببساطة، لا يعرفون هوياتهم أو ميولهم، بل حتى الأرقام الحقيقة!
تحتاج وسائل الإعلام إلى امتلاك بيانات متابعيها، وكلما كانت البيانات تفصيلية - مهما تواضع عددها- كانت الاستفادة والاستثمار لها ومنها أكثر استقرارًا، ودعمًا لبقاء هذه المؤسسات في الحاضر والمستقبل المعلوماتي الرقمي!
للأسف لا تملك الصحف مثلاً - معلومات كافية ومثمرة عن مشتركيها في النسخ الورقية ومن هنا بالذات تفاقمت المشكلة والتحدي والمخاطر..!
الإيكونوميست تقول: «عدد قليل من المستخدمين المخلصين هو أكثر أهمية بكثير في الاقتصاد الجديد للصحافة، الذي يعتمد على المستخدمين بدلاً من المعلنين لتحقيق الإيرادات».
ويشكل المشتركون الرقميون البالغ عددهم 2.5 مليون مشترك في صحيفة نيويورك تايمز أقل من 3 في المائة من إجمالي المشتركين في النسختين الورقية والإلكترونية، ولكنهم يحققون الآن عائدات أكثر من الإعلانات المطبوعة وهو تحول نوعي للمؤسسات الورقية..
تجربة صحيفة واشنطن بوست الأمريكية واضحة في ولافتة، وبحملة مكثفة استطاعت تحقيق نتائج جيدة للوصول إلى مليون مشترك يدفع للنسخة الرقمية في واشنطن.
في إسبانيا حيث يشكل المشتركون البالغ عددهم 22 ألفًا، والذين يدفعون 60 يورو في السنة لصحيفة ديدياريو في إسبانيا، ما يقرب من 40 بالمائة من إيراداتها.
إلا أن هذا السبيل - الاشتراكات - يطرح تحديًا أعمق في المؤسسات الصحفية العربية والمحلية، ويتمثل ذلك بشكل أدق في نوعية المحتوى، جودته وتميزه، وإغراء للمشتركين.. تقديم عمل صحفي ومحتوى مميز عام أو تخصص بمهارت مهنية جادة.. وهذا هو تحدي الإعلام الجديد اليوم.. مهمة صعبة لمهنة المتاعب لكنها غير مستحيلة!