د. محمد عبدالله الخازم
أعلنت وزارة الصحة تقسيم الخدمات الصحية في الرياض إلى ما أسمته التجمع الصحي الأول والتجمع الصحي الثاني، كمقدمة لتنضوي مؤسسات كل تجمع تحت مظلة شركة صحية مستقلة. وبغض النظر عن تفاصيل نوعية التشغيل كشركة وآلية التمويل للشركة والخدمة الصحية، فكرة الدمج الإدراية ليست جديدة، فقد كتبت عنها أول مرة في 1 فبراير 2001م مستحضرًا تجربة المؤسسات الصحية الكندية التي أقدمت على عملية اندماجات كبرى في التسعينيات، وأشرت إلى تفاصيل إحداها والمتمثلة فيما حدث في مدينة مونتريال بدمج إدارة خمس مؤسسات - مستشفيات - مراكز صحية كبرى ضمن مجلس إدارة واحد وقد أثبت ذلك الاندماج إيجابيته بعد أكثر من عقدين من الزمان، في سهولة حركة المريض والاستفادة المثالية من الكوادر الصحية وزيادة مقاعد التدريب وكفاءة البحث العلمي.. إلخ. خدمات طب الأسرة لها وضع مختلف ولم تكن ضمن الدمج.
كررت الكتابة باقتراح مؤسسة الرياض الصحية، ومستقبلاً ربما مؤسسات في مدن أخرى. تصوري كان ومازال حول فكرة الاندماج بين مؤسسات متشابهة أو متقاربة في نوعية الخدمات الصحية مثال، فهد الطبية، فيصل التخصصي، خالد للعيون، سعود الطبية، مستشفى الأطفال، مستشفى الصدر.. إلخ. إضافة للبدء - قدر المستطاع- باختيار مؤسسات متقاربة في نظمها التشغيلية أو موارد تمويلها. فكرة الدمج تبدأ بتوحيد مجلس الإدارة والبدء في خطوات متدرجة على مدى أربع أو خمس سنوات، كان يتم البدء بتوحيد النظام التوظيفي، ثم دمج المراكز المتشابهة تحت إدارة واحدة.. إلخ، دون السرعة في إلغاء خدمة أو إلغاء صلاحيات الإدارات التنفيذية لكل مؤسسة. دمج مؤسسات متشابهة يعني تقوية أدائها باستفادتها من خبرات بعضها البعض وتكوين مراكز متخصصة قوية.
أكبر ملاحظة على عملية الدمج أو تأسيس التجمعات الصحية الحالية هو عدم تجانس مستوى الخدمات لكل تجمع والرسالة التي قد تفهم هي تقسيم المدينة إلى قطاعين صحيين منفصلين وهذا ربما يعيق انتقال المريض من أحدهما للآخر. لن يسمح للمريض بالانتقال من مركز الرعاية الأولية في التجمع الأول لمستشفى من فئة التجمع الثاني على سبيل المثال.
أكرر أهمية تطوير مفهوم الرعاية الأولية إلى طب الأسرة والبدء بتخصيص هذا القطاع وفصل إدارته عن مستويات الخدمة من المستويات الثانية والمتقدمة، حيث يسهل إيجاد تأمين صحي حكومي يغطي هذا النوع من الخدمة مقارنة بغيرها. أو كحد أدنى تأسيس شركة مستقلة - إن لم يخصص هذا القطاع- خاصة بمراكز الرعاية الأولية بعيدًا عن الدمج المقترح حاليًا يجب التأكد من أن الدمج الحالي لن يضر بالرعاية الأولية إذا ما كان توجه أي شركة سينصب على الخدمات المتقدمة المربحة، وكذلك التأكد من أن السيطرة والكلمة لن تكون دائمًا للقيادات الصحية من التخصصات المتقدمة وليس من تخصصات طب الأسرة والرعاية الأولية. من يعمل في القطاع يدرك الفروقات حيث لا تتجانس الرعاية الأولية مع التخصصية، سواء في طبيعتها الفنية أو كوادرها.