يقول هاورد أوزمون: «التعليم في الأساس فن، والمعلم يمثل أعلى مفهوم لهذا الفن؛ عندما يحول دون تحول هذا الفن إلى روتين ممل ومثير للسأم». وحتى يتفوق المعلم؛ عليه أن يُجيد الطرائق المثلى؛ لتيسير التعليم والتعلم؛ فالمعلم الناجح ما هو إلا طريقة ناجحة؛ وهذه المقولة المنتشرة تبين؛ أهمية ما ينبغي أن يوليه المعلم من عناية بالغة بطرائق التدريس وحسن اختيارها.
ومفهوم طرائق التدريس في الأدبيات التربوية متعدد؛ فمنها تعريف زيتون (2003) بأنها: « جملة من الإجراءات والأنشطة التي يقوم بها المعلم؛ لتوصيل محتوى المادة الدراسية للمتعلم، أو هي توجه فلسفي يتكون من عدة فرضيات منسقة مترابطة متعلقة بطبيعة تعلم المادة وتعلمها وتبدو آثارها على ما يتعلمه الطلاب.» ص 262
وتعرفها ردينة وحذام يوسف (2005) بأنها: « مجموعة من الخطوات التي يضعها، ويتبعها المعلم؛ بهدف إيصال المادة العلمية إلى التلاميذ مستعينا بالأساليب والوسائل المتاحة على أن تكون هذه الطرائق مستجيبة ومنسجمة مع طبيعة المادة العلمية، وطبيعة التلاميذ وخصائصهم النفسية وعوامل البيئة المحيطة والقيود الخارجية.» ص54
ويعرفها الربيعي، (2006) بأنها: «عملية نقل المعرفة وإيصالها إلى ذهن المتعلم بأيسر السبل من خلال الإعداد المدرسي للخطوات اللازمة؛ وذلك من خلال تنظيم مواد التعلم والتعليم واستعمالها لأجل الوصول إلى الأهداف التربوية المرسومة بتحريك الدوافع وتوليد الاهتمام لدى المتعلم للوصول إلى الأهداف المنشودة.» ص47
من خلال مفهوم طرائق التدريس يتضح كونها مكونا مهما من مكونات المنهج؛ وتتضح قيمتها في التأثير المتبادل بينها وبين مكونات المنهج الأخرى ؛ فهي ترتبط بالأهداف والمحتوى، وتؤثر في اختيار الأنشطة والوسائل التعليمية؛ ونجاح عملية التعليم مرتبط بنجاح طريقة التدريس؛ فالمعلم يعمل من خلال القاعدة الرباعية؛ لماذا نعلم؟ ماذا نعلم؟ كيف نعلم؟ كيف نحكم على ما نعلم؟؛ وهذه القاعدة توضح عمق الترابط بين مكونات المنهج؛ وهو ما أكد عليه إبراهيم ورجب (1986، ص115- ص116) بأن العلاقة قوية بين الطريقة التدريسية ومحتوى المنهج؛ وذلك لأن الطريقة هي الوسيلة التي بها تتحقق الأهداف المحددة للمنهج، أو للدرس الواحد من طريق محتوى المادة التعليمية، وتختلف الطريقة من منهج لآخر؛ بحسب أسلوب تنظيمه والفكر الذي يسانده، وتختلف أيضا باختلاف مستوى المادة الدراسية، وتتصل طرائق التدريس بصورة وثيقة بالوسائل التعليمية؛ فالمعلم عندما يختار طرائق التدريس التي تناسب كل موقف تعليمي، فهو يختار أيضا ما يناسب ذلك الموقف من وسائل تعليمية، فكل من الطريقة والوسيلة تعمل على تكامل الأخرى من أجل تحقيق الأهداف.
كما بين خليفة ( 1436، ص30) بأن طرائق التدريس هي أول خطوة يوضع فيها المنهج موضع التنفيذ؛ إذ يتم من خلالها اتصال المتعلم بمحتوى المنهج بعد أن تم اختياره وتنظيمه وفق معايير معينة، وتعد طرائق التدريس أول اختبار عملي لمدى مناسبة المنهج من حيث أهدافه، ومحتواه للمتعلم.
ووضح سعادة وإبراهيم ( 1417، ص 401- ص 402) بأنه في مرحلة التنفيذ على المعلم أن لا يغيب عليه تحقيق هدف التدريس من خلال الطريقة التدريسية المختارة؛ وتقديم النشاط المتوائم معها. وقد وجد بيترسون، ومنتز، ومكوتشيون؛ بأن المعلمين لا ينطلقون من بداية واحدة في عملية التخطيط للتدريس، إلا وتكون في أذهانهم أنشطة ومواد تعليمية ومحتويات منهج متفاوتة أو مختلفة. والسؤال الذي ينبغي على المعلم أن يطرحه على نفسه هو: «كيف يمكن لي أن أوصل التلاميذ إلى الهدف المرسوم؟ وتتمثل الإجابة عليه في طرائق التدريس؛ إذ تعتمد عملية اختيار الطريقة الأفضل على كل من؛ الهدف المرسوم، وخصائص الطلاب، ونوعية المعلم، ونوعية محتوى المادة الدراسية، وتوفر الإمكانات، ووقت الحصة، إلى غير ذلك.
نخلص إلى أن الأهداف والمحتوى يقودان طريقة التدريس؛ فلهما تأثير عليها، والتقويم يؤثر على استمرار طريقة التدريس، أو استبدالها بما يحقق النتائج المؤملة.
والطريقة الجيدة في التدريس هي التي تحدث التعلم بأقصر السبل وأيسرها، وتمكن المتعلم من المهارات، وهي تستند لأسس ومعايير يتفق عليها كثير من التربويين منهم؛ جامل (2002)، و زيتون (2003)، و ردينة وحذام يوسف (2005)، وصبري (2016) تجمل في الآتي:
1 - الارتباط بأهداف المنهج وتحقيقها.
2 - مستوى المتعلمين، وصحتهم النفسية، والجسمية، والاجتماعية.
3 - طبيعة المادة أو الموضوع الدراسي.
4 - طبيعة وخبرة المعلم.
5 - طبيعة الخطة الدراسية.
6 - مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين.
7 - إثارة اهتمام المتعلم، ودافعيته الإيجابية للتعلم.
8 - مشاركة المتعلم الفاعلة.
9 - ملاءمتها للوقت.
10 - توظيف المادة الدراسية، وربطها بحياة المتعلم وخبراته.
11 - السماح بالعمل الجماعي.
12 - تنمية الشجاعة الفكرية لدى المتعلم في السؤال والتساؤل والتعبير عن رأيه.
وحتى ترقى طرائق التدريس للجودة وتكون ذات فعالية فعليها تحقيق المعايير التي ذكرها الإبراهيمي (2012؛ ص 11-ص12) وهي:
1 - توظيف الأنشطة المدرسية في تحقيق أهداف المواد الدراسية.
2 - التخطيط والإعداد المسبق مع الاستثمار الأمثل لمواهب وقدرات الطلبة في تنفيذ وتحسين طرائق التدريس المستعملة.
3 - أن تعتمد منهج العمل بروح العمل التعاوني الذي يعزز تعلم الطلبة بعضهم لبعض.
4 - المشاركة بين المعلم والطالب.
5 - أن ترتبط بالبيئة والمجتمع وتستثمر البيئة في عملية التعلم وتخدم البيئة والمجتمع المحيط.
6 - أن تتضمن تطبيقات عملية للمواد التعليمية في حياة الطالب.
7 - المناسبة للمرحلة العمرية ولطبيعة المادة الدراسية.
8 - أن تتمكن من إثارة أذهان الطلبة نحو ممارسة عمليات التفكير.
9 - التنوع باستعمال طرائق التدريس المختلفة.
10 - عدم التركيز على التلقين.
11 - التركيز على القدرة التحليلية.
12 - القدرة على إحداث التكامل بين جميع الجوانب النظرية والعلمية التطبيقية.
13 - التنوع بين الإلقاء والحوار والمناقشة والتطبيق العملي.
14 - ارتباطها بميول الطلبة واتجاهاتهم.
من خلال ما تقدم يتضح أن اختيار المعلم لطريقة التدريس الفضلى تكون وفق معايير وأسس تخدم العملية التعليمية وتثريها؛ فلكل طريقة تدريس الموقف الذي يناسبها، وطبيعة الأهداف التي تسعى لتحقيقها، والمحتوى الذي تنفذه، وطبيعة المتعلمين وخصائصهم وميولهم. فهي تتأثر بالأهداف والمحتوى والأنشطة والوسائل والتقويم؛ فمن خلالها تعبر مكونات المنهج إلى المتعلم؛ وما أجمل ما تحدثه من أثر متى ما أعطيت حقها من الرعاية والعناية، وقادها المعلم باقتدار!.
المراجع:
- إبراهيم، فوزي طه ورجب، أحمد الكلزة (1983). المناهج المعاصرة.الاسكندرية ؛ مطابع الفن
- الإبراهيمي، مكي فرحان (2012). طرائق التدريس الجامعي في ضوء مفهوم إدارة الجودة الشاملة، ورقة عمل أعدت للمؤتمر الدولي بعنوان»تكامل مخرجات التعليم مع سوق العمل في القطاع العام والخاص المنعقد في جامعة البلقاء التطبيقية/ السلط - المملكة الأردنية الهاشمية في (25-28 آذار 2012) في الجلسة العاشرة (جودة التعليم ومعايير الاعتماد والجودة في التعليم العالي).
- الخليفة، حسن. (1436هـ). مدخل إلى المناهج وطرق التدريس. ط10، الرياض: مكتبة الرشد.
- الربيعي، محمود داوود سليمان.( 2006). طرائق وأساليب التدريس المعاصرة. عمان: عالم الكتب الحديثة.
- جامل، عبدالرحمن. (2002). أساسيات المناهج التعليمية وأساليب تطويرها. ط2، عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع
- زيتون، كمال عبدالحميد (2003) التدريس نماذجه ومهاراته ، القاهرة: عالم الكتب
- سعادة، جودت أحمد، و إبراهيم، عبدالله محمد (1417). المنهج المدرسي في القرن الحادي والعشرين. ط2. بيروت: مكتبة الفلاح للنشر والتوزيع
- صبري، ماهر إسماعيل (2016). مهارات التدريس من النظرية إلى التطبيق. القاهرة: رابطة التربويين العرب سلسلة الكتاب الجامعي.
- يوسف، ردينة و يوسف، حام .(2005). طرائق التدريس؛ منهج، أسلوب، وسيلة. عمان: دار المناهج للنشر والتوزيع.
** **
- ابتسام بنت عبدالرحمن السلوم