الارتباط الحسي والمعنوي يحيط العلاقات الإنسانية بالأمان ويفعمها بالطمأنينة، حيث إن التواصل بحد ذاته هو تجديد لميثاق العناية وإشارة للاهتمام، لذلك دائماً ما نحرص على أن نكون قريبين ممن نحب، أو ممن نهتم بشأنهم.
ولقد بينت دراسات عدة دور هرمون الأوكسيتوسين (أو ما يسمى بهرمون المحبة أو الثقة) في إشباع العلاقات الاجتماعية والترابط الحسي، حيث إن الهرمون يفرز لدى التلامس والعناق ويؤدي إلى تعزيز المحبة، وتغذية شعور الثقة والكرم، ولقد بيّنت دراسة أن استمرار المصافحة لست ثوانٍ فقط قادر على زيادة معدل الأوكسيتوسين في الدم للطرفين، وبالمقابل، نشر بحث حديث وضح زيادة في مستوى ذلك الهرمون عندما يحس الأشخاص بتناقص الاهتمام من قبل شركائهم، وذلك لتحفيز ممارسة المزيد من التواصل.
فقد تطرأ ظروف متغيرة على صلات الترابط الشخصي، شأنه شأن السمات الأخرى للأمور الاجتماعية، ولا بأس من الابتعاد قليلاً، مع الحفاظ على روابط التواصل وبوادر الود، ذلك أن وداع من نحب أمر غير مرغوب، وبالتالي فمهما عظم الأمر في عينك، احرص على أن تترك مساحة للعودة، وباباً للمودة، ومناسبة للقاء.
الحياة مليئة بالجمال قطعاً، غير أن ذلك لا يبرر الابتعاد عن أقدار قد تكون أحلى ما كتب لنا، أصدقاؤك ورفاق دربك هم حصيلة مراحل عمرية من الاختيار والتفضيل. فليس هنالك أرق مما ألفته نفسك واختبرته مشاعرك، لحظات قضيتها في سعادة وأيام ترقبتها بشوق، كفيلة أن تشفع لمعاودة تواصلك في المستقبل القريب مع من تحب.
** **
- د. نايف بن عبدالله بن دايل