عبد الاله بن سعود السعدون
المواطن العراقي الذي يتطلع للتغيير السياسي في بلاده بعد أن أصابه اليأس من العملية السياسية المعتمدة أساساً على الطائفية وتقسيم الاستحقاقات الانتخابية على قوائم مذهبية ومكونات عرقية ولا يشعر بأن هدف السياسي المنتخب بأصواته سيعمل من أجله والوطن بل تأكد بالتجربة الطويلة لأكثر من عقد للعهد الجديد في العراق اهتمام النائب بذاته والكسب غير الشرعي ومن صفاته التي أدركها المواطن سلبية التقييم لانتشار الرشوة والفساد المالي والإداري وحرمان الشعب العراقي من الخدمات العامة.
الانتخابات القادمة في منتصف مايو القادم تعطي أبناء الشعب العراقي الفرصة لتوجيه أصواتهم الانتخابية نحو الكتل الوطنية العابرة للطائفية والحزبية الضيقة وفرز شخصيات وطنية هدفها من العمل السياسي خدمة الوطن والمواطن وتأسيس دولة مؤسسات تعتمد المواطنة المظلة الفعلية لكل مؤسساتها والعمل بجد وإخلاص من أجل وضع خطط الأعمار والتشغيل وتهيئة فرص العمل للعديد من الباطلين عن العمل من أبناء الوطن والاهتمام بالزراعة والصناعة وتنشيط الاقتصاد الوطني.
والعمل بأمل من أجل المحافظة على وحدة التراب والوطن الموحد، بعد أن عصفت به ويلات الحروب التي كان مرتزكزها الصراع على الكرسي الحكومي بقصد الفساد وبعيداً عن خدمة الوطن والشعب الذي لازال يعاني من ذل الهجرة والتهجير والتأخير المقصود لعودة المواطنين المهجرين لمدنهم وبيوتهم وإبقائهم في الخيم تحت قسوة الطبيعة من مطر وبرد وجوع ومرض كما أهينت كرامة مواطني تلك المناطق ومن الصعوبة تحت ظروف التهجير القاسية أن يهتم المهاجر بالانتخابات ويمنح صوته للذين تسببوا في هجرته وتهجيره.
ويمر العراق اليوم بأخطر مرحلة سياسية منذ احتلال بغداد عام 2003م ولم يستطع القادة السياسيون الوصول لمرحلة أولية للمصالحة الوطنية وفتح صفحة جديدة من الثقة والمحبة بين كل أبناء الرافدين، ومحاولة لغلق كل ملفات الإسقاط السياسي الذي كانت شخصيات عراقية عربية وطنية ضحية لهذه الحملة الطائفية السياسية وشهد المشهد السياسي تشظي العديد من الكتل السياسية العرقية والمذهبية، ففي إقليم كردستان انقسم الشارع الكردي بين مؤيد للاستفتاء العام الهادف لخيار الوطن القومي الكردي والعودة لماضي مملكة مهاباد. وكذلك برزت قائمة التغيير بمنافسة الأحزاب الكبيرة في كردستان وتوحدت الأحزاب الإسلامية بقائمة انتخابية واحدة وسيحتل هذا المركز المميز في الكتل الجديدة دخول الحشد الشعبي كقوة سياسية جديدة سيكون لها قوة جذب شديدة لمنح كرسي رئاسة الوزراء للجهة التي تميل لميزانها وستدخل العملية السياسية تحت عنوان كتلة «المجاهدون» المكونة من المليشيات المسلحة التي ترتبط مذهبياً بولاية الفقيه وتحت قيادة خامئني وجميع زعمائها تجندوا مع الجيش الإيراني و قاتلوا الجيش العراقي في معركة القادسية عام 1980م ويضم هذا التكتل الجديد عدداً من مليشيات الحشد الشعبي كحزب الله العراقي والنجباء ومنظمة بدر والعصائب أما باقي تشكيلات الحشد فستؤيد مرجعها المذهبي السيد السيستاني و من مرشحيه حزب الدعوة والحكمة والأحرار وستظهر القوى المذهبية الشيعية على حقيقتها من الصراع السياسي حين حلول الانتخابات البرلمانية وسط مايو. بعد ابتعاد الصوت الانتخابي الشيعي عن التيار المذهبي الإسلامي للحزاب المتسلطة على الحكم حالياً الذي نبذها مجموع الشعب لتخاذلهم في إدارة كفة الحكم طيلة خمسة عشر سنة لتوليهم السلطة في بغداد وابتعاد الناخبين عن رموزه لعدم رضاهم عن الأداء الحكومي المتدني أمنياً واقتصاديا وتفشي الفساد الإداري والمالي بين صفوف ممثليه في الأجهزة الحكومية كما أن انفتاح العراق على جواره الجغرافي بتوازن تام سيؤدي إلى متسع من الحرية للقوى المؤيدة للتوجه العربي بالعمل من أجل زيادة مقاعدها النيابية على حساب التكتل الجديد المدعوم إيرانياً، وتم تحالف نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي مع الدكتور صالح المطلق ورئيس مجلس النواب سليم الجبوري في ائتلاف عربي إسلامي شعاره الانتخابي المواطنة ومحاربة الفساد ومن جهة أخرى يتطلع التيار العروبي العراقي لتحالف نائب رئيس المهورية وأحد عشر حزباً مكوناً من التيار العربي برئاسة الشيخ خميس الخنجر والدكتور أحمد المساري والعديد من الشخصيات العربية الجديدة على المسرح السياسي العراقي. وأنتج تحسن العلاقات مع دول الجوار العربي ثقة المواطن العراقي وارتياحه بنمو علاقة للعراق ببيته العربي. ومن المنتظر في القريب ظهور مؤشرات إيجابية عدة لتحول الاتجاه السياسي العراقي نحو الانفتاح على جواره العربي.